للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما دليل صحة النية في أثناء النهار في النافلة فحديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها فقال: «هل عندكم شيء؟ »، قالت: قلنا: لا، قال: «فإني إذاً صائم» (١).

وتجويز عقد نية صيام النافلة في أثناء النهار توسيع على العباد للإكثار من التطوع.

مسألة: هل تكفي نية واحدة من أول شهر رمضان إلى آخره أم يجب لكل يوم نية؟

اختلف أهل العلم في ذلك، والراجح - إن شاء الله - أنها تكفي بشرط أن لا ينقطع الصيام في أثناء الشهر لعذر ما، فإذا انقطع الصيام في أثناء الشهر وجب تجدد النية.

ودليل جواز عقد نية واحدة للشهر كله أن شهر رمضان بالكامل عبادة واحدة فيكفي له نية واحدة.

والدليل على أن شهر رمضان ككل عبادة واحدة قول الله تبارك وتعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة: ١٨٥] والشهر اسم زمان لشيء واحد فكان الصوم من أوله إلى آخره عبادة واحدة كالصلاة والحج.

وتظهر فائدة هذه المسألة في صورة رجل نام في نهار يوم من أيام رمضان، ولم يستيقظ إلا في اليوم التالي في النهار، فعلى قول من قال تجب لكل يوم نية مستقلة، فهذا صيامه لليوم الثاني غير صحيح، لأنه لم ينو قبل الفجر الصادق.

وأما على قولنا - وهو الصحيح إن شاء الله - فصيامه صحيح، لأن نيته من أول الشهر تكفيه.

وهذه مسألة فرعية متفرعة عن الأصل الذي ذكرناه.

قال المؤلف رحمه: (يبطل بالأكل والشرب)

يبطل الصيام بالأكل والشرب عمداً لقوله تعالى: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل} [البقرة: ١٨٧] الشاهد قوله: {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود} أي كلوا واشربوا إلى أن يتبين لكم الفجر الصادق، فإذا تبيّن الفجر الصادق فلا تأكلوا ولا تشربوا.

وقال - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسي: «يترك طعامه وشرابه وشهوته من أجلي» (٢).


(١) أخرجه مسلم (١١٥٤).
(٢) أخرجه البخاري (١٨٩٤)، ومسلم (١١٥١).

<<  <   >  >>