للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

واحتمال أن يكون عند ابن عباس حديث في المنع من العمل برؤية غيرهم من أهل الأقطار، ضعيف، لأنه لو وجد حديث كهذا لما خفي حتى لا يعلم إلا في كلام محتمل كهذا.

إذن يلزم قول المؤلف أنه (إذا رآه أهل بلد لزم سائر البلاد الموافقة)، وجمهور أهل العلم على هذا.

قال المؤلف - رحمه الله -: (وعلى الصائم النِّية قبل الفجر)

أي تجب النية على من أراد الصيام قبل طلوع الفجر الصادق، فلا يصح العمل إلاّ بنية لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى .. » (١) الحديث.

والصحيح التفريق في ذلك بين الفريضة والنافلة، فالفريضة يجب أن ينوي لها قبل الفجر، وأما النافلة فيجوز أن ينوي في أثناء النهار بشرط أن لا يكون أكل أو شرب قبل ذلك.

ودليل وجوب تبييت النية في الفريضة، أن جميع الزمان - من أول اليوم إلى آخره - يجب فيه الصوم، والنية يجب أن تكون قبل البدء بالعمل كما في جميع العبادات، فيجب أن تكون النية سابقة للعمل، وبما أن الصيام واجب في كل جزء من أجزاء اليوم، فلا يصح أن تكون النية في أثناء النهار، إذ النية لا تنعطف على الماضي، بمعنى أنك إذا أردت أن تصوم اليوم الأول فيجب أن تبدأ الصيام من أوله، ومن نوى بعد طلوع الفجر لا يقال صام يوماً، هذا ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - بالمعنى (٢).

وأما ما يستدل به الجمهور الذين يقررون بأن الفريضة يجب أن ينوى لها قبل طلوع الفجر الصادق، وهو حديث حفصة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من لم يُبَيِّتِ الصيام قبل الفجر فلا صيام له» (٣) أخرجه أحمد وأبو داود وغيرهما، فَرَجَّح وقفه أبو داود والترمذي والنسائي، رجَّحوا وقفه على حفصة، وضعفه الإمام أحمد والبخاري وغيرهم.

والصحيح أنه من قول حفصة، صح عنها وصح أيضاً عن ابن عمر من قوله، وهو قول صحيح، لكنه ليس مرفوعاً إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.


(١) أخرجه البخاري (١)، ومسلم (١٩٠٧).
(٢) «مجموع الفتاوى» لشيخ الإسلام ابن تيمية (٢٥/ ١٢٠).
(٣) أخرجه أحمد (٢٦٤٥٧)، وأبو داود (٢٤٥٤)، والترمذي (٧٣٠)، والنسائي (٢٣٣١).

<<  <   >  >>