للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالذي يُفسد الصيام أن يُجامع في الفرج بغض النظر عن الإنزال أو عدمه، فمجرد الجماع في الفرج يفسد الصيام، ثم إن جامع خارج الفرج وأنزل يفسد صيامه أيضاً، فيفسد في حالتين الإنزال والجماع سواء أنزل أو لم ينزل.

وسيأتي حديث من جامع في نهار رمضان وأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالكفارة على فعله مما يدل على أن الجماع يفسد الصيام، بالكتاب والسنة والإجماع.

مسألة: إذا جامع شخص في نهار رمضان وهو صائم وجبت عليه الكفارة الواردة في حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: قال إن رجلاً وقع بامرأته في رمضان فاستفتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «هل تجد رقبة؟ » قال: لا، قال: «هل تستطيع صيام شهرين؟ » قال: لا، قال: «فأطعم ستين مسكيناً» (١)

وفي رواية قال: «اجلس»، فجلس، فأُتيَ النبيُ - صلى الله عليه وسلم - بعَرَقٍ فيه تمر - والعَرَق: المِكْتَلُ الضخم -، قال: «خذ هذا فتصدق به» قال: أعلى أفقر مني يا رسول الله، فضحك النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى بدت نواجِذُهُ، ثم قال: «أطعمه عيالك» (٢).

«العرق» هو المكتل، يسع خمسة عشر صاعاً فيكون لكل مسكين مد من تمر.

هذا هو القَدْرُ الذي يجب عليه في إطعام الستين مسكيناً.

وقوله (أعلى أفقر مني): أي، لمن أطعمه وهل يوجد أفقر مني، فإني أفقر الموجود.

مسألة: وهل على هذا الذي جامع زوجته في نهار رمضان قضاء ذلك اليوم؟

اختلف أهل العلم في ذلك، والصحيح أنه لا قضاء عليه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمره بذلك، وإن ورد ذلك في رواية ضعيفة لا تصح، فكونها ضعيفة وكونه لم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث صحيح أنه أمره بالقضاء مع عدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة، كل هذا يدلّ على أنه لا قضاء عليه مع الكفارة، وهو الصحيح إن شاء الله.

مسألة: وهل على زوجته كفارة مثله؟

الصحيح أنَّ عليها كفارة إذا كانت صائمة ولم تكن مكرهة، بل كانت راضية ومطاوعة له على فعله، مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يأمرها بذلك، وكما تقدم قلنا لا يجوز تأخير البيان عن وقت


(١) أخرجه البخاري (٦٨٢١)، ومسلم (١١١١).
(٢) أخرجه البخاري (٦٧٠٩)، ومسلم (١١١١).

<<  <   >  >>