للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحاجة، والصحيح أن عليها الكفارة إن كانت راضية، لأن الرجل سأل عن نفسه ولم يسأل عن المرأة ولا جاءت هي وسألت عن نفسها، والاحتمال في حقها قائم فربما تكون هي أصلاً ليست صائمة، بل مفطرة لعذر من الأعذار ويُحتمل أن تكون صائمة ولكنها معذورة بالإكراه مثلاً، ويُحتمل أيضاً أن تكون صائمة وغير معذورة وراضية مطاوعة، فالاحتمالات قائمة، فكون الاحتمالات قائمة وهي لم تأت وتسأل إذن لا يجب على المفتي أن يفتي في أمرها، إذ هناك فرق بين المفتي والقاضي، فالقاضي لا يجوز له أن يقضي في مسألة حتى يعرف ما يحوط بها، أمّا المفتي فلا.

والنبي - صلى الله عليه وسلم - عندما جاءته هند وقالت له إن أبا سفيان رجل شحيح فقال لها - صلى الله عليه وسلم -: «خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف» (١) هل دعا أبا سفيان وحقق معه في الأمر ونظر أدعواها صحيحة أم لا؟ لا، لأنه الآن مفتٍ وليس قاضياً، ولو كان قاضياً ما جاز له أن يحكم لها دون أن يسمع من أبي سفيان ودون أن يتحقق من دعواها. فوضع المفتي يختلف عن وضع القاضي.

قال رحمه الله: (والقيء عمداً)

القيء خروج ما في المعدة من طعام أو شراب عن طريق الفم.

والأحاديث الواردة في هذا الباب، حديث أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من ذرعه القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء عمداً فليقض» (٢).

أخرجه أبو داود، وأحمد والبخاري في «التاريخ الكبير» وضعفاه، فالحديث ضعيف لا يصح.

ومعنى قوله: «من ذرعه القيء»، أي من غلبه القيء، فخرج دون إرادته.

قوله: «استقاء عمداً»، أي أخرج القيء عامداً بإرادته.

فمعنى الحديث من غلبه القيء وخرج رغماً عنه فليس عليه قضاء، وصيامه صحيح، ومن أخرج القيء عامداً متعمداً، فيجب عليه القضاء.


(١) أخرجه البخاري (٥٣٦٤)، ومسلم (١٧١٤).
(٢) أخرجه أحمد (١٠٤٦٢)، وأبو داود (٢٣٨٠)، والترمذي (٧٢٠)، والبخاري في «التاريخ الكبير» (١/ ٩٢).
قال البخاري: لا أراه محفوظاً. نقله الترمذي في العلل الكبير (١٩٨).

<<  <   >  >>