إذن يجب عليه أن يحجّ في الوقت الذي تيسرت له الأسباب فيه، لئلا يفوته بعد ذلك.
فهذا يدل على أن الحجَّ إذا توفرت أسبابه صار لازماً لصاحبه فوراً، وإذا لم يحج فهو آثم.
قال - رحمه الله -: (وكذلك العمرة)
أي وكذلك العمرة تجب على كل مكلف مستطيع فوراً.
وفي وجوب العمرة مرة في العمر خلافٌ، والصحيح أنها سنّة وليست بواجب، إذ لا يوجد ما يدلّ على وجوبها، والأحاديث التي استدل بها من قال بالوجوب كلها ضعيفة لا يصح منها شيء.
تبقى عندهم آية {وأتموا الحج والعمرة لله}، وهل لهم وجه في الدلالة بهذه الآية؟
لا، لأن المأمور به هنا هو الإتمام، فإذا دَخَلت في العمرة وجب عليك أن تُتِمها، لكنَّه لم يأمر بالبِدء بها، ولو جاء أمر بالبدء بها لسلمنا لهم وقلنا كلامكم صحيح، لكن فرق بين البدء والإتمام، فالصحيح أنَّ العمرة سنة مستحبة وليست واجبة.
أما الحج فقد أمر الله به، وأمر بإتمامه.
قال: (وما زاد فهو نافلة)
أي ما زاد عن مرة واحدة فهو نافلة سواء كان مرة من الحجِّ أم من العمرة.
ولكن - كما ذكرنا - فإن العمرة مستحبة أصلاً، وأما الحجُّ فكما قال.
والدليل هو ما تقدم معنا من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم» (١)، فدلّ هذا الحديث على أنَّه لا يجب على المسلم أكثر من حجة واحدة في عمره.
قال المؤلف: (يجب تعيين نوع الحجّ بالنية، من تَمَتُّعٍ أو قِرانٍ أو إفرادٍ)
في هذه الفقرة بيّن لنا المؤلف - رحمه الله - أن الحجّ أنواع ثلاثة:
قران، وتمتع، وإفراد، وأنه لا بدّ للحاج أن ينوي واحداً من هذه الأنواع الثلاثة، من الميقات عند الإحرام.
النوع الأول، القران: وهو أن يُحرم من الميقات بالعمرة والحجّ معاً، فيَقرِن بينهما، أي
(١) تقدم تخريجه.