للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والله أعلم- أعرض عنهما البخاري ومسلم، ولم يخرجا هذه الألفاظ، فالحديث أصله عندهما لكن دون هذين اللفظين.

وبناءً على تضعيف الحديثين الواردين في ذلك، فلا يُوجد ما يدل على تحريم أكل الصيد للمُحرِم إذا صيد الصيد لأجله من شخص حلال غير محرم.

فيبقى المنع في حال أن يكون المحرم هو الذي صاد صيداً، أو أن يكون قد أعان على الصيد.

ودليل تحريم الصيد على المحرم إذا أعان على صيده، ما جاء في بعض ألفاظ حديث أبي قتادة في «الصحيحين»، قال - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه: «أمنكم أحد أمره أن يحمل عليه أو أشار إليه؟ » قالوا: لا، قال: «فكلوا ما بقي من لحمها» (١)، وفي رواية: فناولته العضد فأكلها -أي النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢).

ففي حديث أبي قتادة إباحة أكل المحرم للصيد، فقد قال عليه السلام لأصحابه: «كلوا» وهم محرمون، والرواية في «الصحيحين» تدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أيضاً قد أكل من الحمار الذي اصطاده أبو قتادة، وهذا مما يؤكد شذوذ رواية مَعمَر.

ثم بعد ذلك تأتي القيود، وهي سؤاله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه: «أمنكم أحد أمره أن يحمل عليه أو أشار إليه»، ومعناها، إعانة المحرم الحلالَ على الصيد التي تُحرِّم عليه أكل ما أعان على صيده، أو أن يدلّه عليه وهي المقصود بقوله «أشار إليه».

فالصحيح في هذه المسألة والله أعلم أنه يجوز للمُحرِم الأكل من الصيد الذي صاده غير المُحرِم بشرط أن لا يكون أعانه عليه أو دلَّه عليه.

وجاء في رواية من حديث الصعب بن جَثَّامة أنه أهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - حمار وحش فرده - صلى الله عليه وسلم - ولم يأخذه منه، وقال له بأنَّه لم يقبله منه إلا لأنه مُحرِم (٣).


(١) أخرجه البخاري (١٨٢٤)، ومسلم (١١٩٦).
(٢) أخرجه البخاري (٢٥٧٠)، ومسلم (١١٩٦).
(٣) أخرجه البخاري (١٨٢٥)، ومسلم (١١٩٣).

<<  <   >  >>