للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

انتهى المؤلف من حكم صيد المحرم بنفسه، وبدأ بحُكم أكله من صيدٍ صَاده غيره، أيجوز له أن يأكل منه أم لا يجوز؟

في هذه المسألة تفصيل،

المُحَرَّم على المُحرِم أكله، هو ما صاده المُحرِم، أو صِيد لأجله أو أعان على صيده.

أما إن لم يصد لأجله ولم يعن المُحْرِم على صيده، فله أن يأكل منه.

عندنا ثلاث حالات في تحريم أكل المحرم من الصيد:

- إمّا أن يصطاده مُحرِم فهذا يَحرُم عليه أن يأكله.

- أو أن يصطاده حلال - شخص غير مُحرِم - لكن صاده لأجل المُحرِم، وهذا حرام عليه.

- أو أن يكون المحرم قد أعان الصائد على الصيد.

فأما الحالة الأولى والحالة الثالثة، فلا إشكال في كونه لا يجوز الأكل من هذا الصيد.

تبقى الحالة الثانية وهي إذا صاد الحلال الصيد لأجل المُحرِم هل يجوز له أن يأكل أم لا؟

ورد في ذلك حديثان

الأول: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: » صَيد البرّ حلال لكم ما لم تصيدوه أو يُصد لكم» (١)

وهذا الحديث ضعيف، أعلّه غير واحد من أهل العلم بالانقطاع فلا يُعوَّل عليه.

وأما الثاني، فمن حديث أبي قتادة قال: خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمن الحديبية، فأحرم أصحابي ولم أُحرم، فرأيت حماراً فحملت عليه، فاصطدته، فَذَكَر شأنه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وذكرت أني لم أكن أحرمت، وأني إنما اصطدته لك، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه فأكلوا، ولم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له» (٢).

فقوله: «إنما اصطدته لك» و «لم يأكل منه حين أخبرته أني اصطدته له»، فهذان اللفظان ليسا في الصحيحين، وقد تفرد بهما مَعمَر دون بقية الرواة، فهما شاذان، لذلك -


(١) أخرجه أحمد (١٤٨٩٤)، وأبو داود (١٨٥١)، والترمذي (٨٤٦)
(٢) أخرجه أحمد (٢٢٥٩٠)، وابن ماجه (٣٠٩٣).

<<  <   >  >>