للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعن جابر بن عبد الله قال: «لم يطف النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافاً واحداً، طوافه الأول» (١).

قال النووي - رحمه الله -: «وهذا محمول على من كان منهم قارناً» (٢).

فالقارن يطوف طوافاً واحداً ويسعى سعياً واحداً للحجّ والعمرة، فتكون أعماله كأعمال المُفرد، وعلى هذا القول أكثر العلماء.

واحتج أبو حنيفة برواية ضعيفة عن علي بن أبي طالب، واحتج بالرأي أيضاً.

قال المصنف رحمه الله تعالى: (ويكون حالَ الطوافِ متوضِّئاً ساتراً لعورته)

يريد المؤلف أن الحاجّ في أثناء طوافه يجب أن يكون متوضِّئاً، وأن يستر عورته أيضاً.

أمّا الوضوء عند الطواف، فقد اختلف أهل العلم في وجوبه،

والصحيح أنه مستحب، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ قبل البدء بالطواف، ولكن لا يوجد ما يدلّ على الوجوب، بل هو مجرد فعل للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فيحتمل أن يكون قد فعله لوجود صلاة بعد الطواف، ليكون مستعداً للصلاة.

وأمّا الحديث الذي يستدلون به على وجوب الوضوء وهو: «الطواف بالبيت صلاة إلّا أنّ الله أحل فيه الكلام» (٣)، فحديث ضعيف لا يصح.

وأما استدلالهم على وجوب الوضوء بقوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة حين حاضت: «افعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت» (٤) متفق عليه.

فنقول: نسلم بوجوب الطهارة من الحدث الأكبر، ولكنّه لا يدلّ على وجوب الطهارة من الحدث الأصغر.


(١) أخرجه مسلم (١٢١٥).
(٢) «المجموع» (٨/ ٦١).
(٣) أخرجه أحمد (٢٤/ ١٤٩)، والترمذي (٩٦٠)، وعبد الرزاق في «المصنف» (٩٧٨٨)، والنسائي في «الكبرى» (٣٩٣١)، والبيهقي في «سننه الكبرى» (٩٣٠٣) وغيرهم عن طاووس تارة عن رجل أدرك النبي - صلى الله عليه وسلم - وتارة عن ابن عباس، وتارة عن ابن عمر، وتارة مرفوعاً، وتارة موقوفاً.
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <   >  >>