للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالصحيح أنّ الوضوء عند الطواف مستحب وليس واجباً، وهذا أرجح الأقوال، وهو بحمد الله أيسر وأهون على الناس خصوصاً في أوقات الزِّحام الشديد، فلا يجد المرء مكاناً يتوضأ فيه من كثرة الزحام.

فالصحيح عندنا إن شاء الله أنّه يجوز الطواف من غير وضوء.

وأمّا ستر العورة، فواجب لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يطوف بالبيت عُريان» (١).

قال رحمه الله: (والحائض تفعل ما يفعل الحاجُّ غيرَ أن لا تطوفَ بالبيت)

هذا ما أمر به النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة رضي الله عنها لما حاضت، قال: «افعلي ما يفعل الحاجّ غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري» (٢) متفق عليه.

ورواية عند مسلم «حتى تغتسلي».

قال المؤلف رحمه الله: (ويُندَب الذِّكرُ حَال الطواف بالمأثور)

يريد المؤلف، أنه يستحب الذِّكر في الطواف بما ورد في السنة.

ولكن لم يرد في ذلك حديث صحيح، وكل ما ورد في هذا ضعيف لا يصحّ.

ومن ذلك حديث عبد الله بن السائب: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول بين الركن اليماني والحجر: «ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار» (٣).

في سنده عبيد مولى السائب مجهول.

قال الحافظ في «الإصابة»: «عبيد تابعي ما روى عنه إلا ابنه يحيى».

ولكن صحَّ عن عائشة أنها قالت: «إنمّا جُعِل الطواف بالبيت وبالصّفا والمروة لإقامة ذكر الله» (٤)، فله أنْ يذكر الله سبحانه وتعالى ويدعوه بما شاء.

ويجوز فيه أيضاً قراءة القرآن، إذ لم يصحّ دليل في تحريم قراءة القرآن في هذا الموضع.


(١) أخرجه البخاري (٣٦٩)، ومسلم (١٣٤٧).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) أخرجه أحمد (٢٤/ ١١٨)، وأبو داود (١٨٩٢)، وغيرهما.
(٤) أخرجه أحمد (٤١/ ١٧)، وأبو داود (١٨٨٨)، والترمذي (٩٠٢).

<<  <   >  >>