للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وشرط المبيت بمزدلفة، أن يكون في ساعة من النصف الثاني من الليل، فلو رحل قبله لم يسقط عنه الدم، ولو عاد إليها قبل الفجر سقط عنه الدم.

ووجوب الدم بناءً على القول بالوجوب، وهو الصحيح إن شاء الله.

ودليل وجوب المبيت بمزدلفة قوله تعالى: {فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام}، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من شهد صلاتنا هذه - أي صلاة الفجر - ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف بعرفة قبل ذلك ليلاً أو نهاراً فقد تم حجّه وقضى تفثه» (١) أخرجه أبو داود وغيره.

فمن لم يفعل ذلك لم يتم حجّه، هذا ما يفهم من النص.

وهذا المعنى مأخوذ بدلالة المفهوم.

ولكنّ المراد بالتمام هنا عند جمهور العلماء، الإتيان بالكمال الواجب.

واستدلوا بحديث أبي داود: «من أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج» (٢).

وهذا يعني أن من جاء إلى عرفة قبل صلاة الصبح من ليلة مزدلفة فقد تم حجّه، ويسقط عنه المبيت بمزدلفة.

فيدلّ ذلك على أن المبيت بمزدلفة ليس ركناً، فيبقى عندنا الوجوب، لورود الأمر به في الآية.

ثم يُصلي الفجر فيها.

قال المؤلف: (ويأتي المَشْعَر، فيذكر الله عندَهُ، ويقف به إلى قبل طلوع الشمس، ثم يدفع حتى يأتي بطن مُحَسِّر)

المشعر الحرام: جبل صغير معروف في مزدلفة، وعليه المسجد المبني الآن في مزدلفة.

يأتيه الحاجّ بعد صلاة الصبح فيصعد على الجبل، أو يقف عنده، يحمد الله ويكبره، ويدعوه رافعاً يديه إلى أن يُسفِرَ الفجرُ جداً، ويكون مستقبلاً القبلة، فإذا أسفر الفجر وقبل أن تطلع الشمس، سار بسكينة كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -.


(١) حديث عروة بن مضرس، تقدم تخريجه.
(٢) هو تتمة حديث «الحج عرفة» تقدم تخريجه.

<<  <   >  >>