فالمشهور في المذهب أنه ليس بواجب، إلا أن يخاف أحد على نفسه الوقوع في محظور بتركه، فيلزمه إعفاف نفسه، وهذا قول عامة الفقهاء.
وقال: فصل: والناس في النكاح على ثلاثة أضرب:
منهم من يخاف على نفسه الوقوع في محظور إن ترك النكاح، فهذا يجب عليه النكاح في قول عامة الفقهاء؛ لأنه يلزمه إعفاف نفسه، وصونها عن الحرام، وطريقه النكاح.
الثاني: من يستحب له، وهو من له شهوة يأمن معها الوقوع في محظور، فهذا الاشتغال له به أولى من التخلي لنوافل العبادة.
القسم الثالث: من لا شهوة له، إما لأنه لم يُخلق له شهوة كالعِنِّين، أو كانت له شهوة فذهبت بكبر أو مرض ونحوه.
ففيه وجهان؛ أحدهما: يستحب له النكاح؛ لعموم ما ذكرنا. والثاني: التخلي له أفضل؛ لأنه لا يُحصل مصالح النكاح، ويمنع زوجته من التحصين بغيره، ويضر بها، ويحبسها على نفسه، ويعرض نفسه لواجبات وحقوق لعله لا يتمكن من القيام بها، ويشتغل عن العلم والعبادة بما لا فائدة فيه. انتهى باختصار.
قال المؤلف رحمه الله (والتَّبَتُّلُ غَيْرُ جَائِزٍ)
وفي الشرع: الانقطاع عن النساء، وترك النّكاح انقطاعاً إلى عبادة الله.
وهو محرم في الإسلام، مخالف لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: «ردّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على عثمان بن مظعون التبتل، ولو أذن له لاختصينا»(١).
أي: منعه منه ولم يقره عليه، ولو أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعثمان بن مظعون بالتبتل لقطعوا الخُصى - جمع خُصية - وأزالوها أو رَضّوا الخُصى بحيث تنقطع الشهوة أو تضعف، فيقطعون بذلك أنفسهم عن النساء ويتفرّغون لعبادة الله؛ لكن هذا ليس من هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يرده.