للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأمّا الصغيرة فلا معنى لإذنها؛ فلا تدرك ما يناسبها ومالا يناسبها، وما فيه مصلحة وما ليس فيه مصلحة لها، فلا اعتبار لرضاها ولا لسخطها، بل المعتبر حصول الرضا من الكبيرة، بأن ترضى بالشخص الذي يكون كُفءً لها.

والكفاءة المعتبرة في الشرع - على الصحيح من أقوال أهل العلم-: المساواة في الدين فقط لا غير، وهو مذهب مالك وجماعة من الصحابة، ودليله قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فاظفر بذات الدين تربت يداك» حَثّه على ذات الدّين فقط.

وثبت عن الصحابة أنّهم كانوا يُزوِّجون الموالي، فلم يعتبروا المساواة في النَّسب.

قال ابن عبد البر: جملة مذهب مالك وأصحابه أن الكفاءة عندهم في الدين، وقال ابن القاسم عن مالك: إذا أبى والد الثيِّب أن يزوجها رجلاً دونه في النسب والشرف إلا أنه كفء في الدين؛ فإن السلطان يزوجها، ولا ينظر إلى قول الأب والوَلِي مَن كان، إذا رضيت به وكان كُفءً في دينه، ولم أسمع منه في قِلة المال شيئاً.

قال مالك: تزويج المولى العربية حلال في كتاب الله عز وجل، قوله: {إنا خلقناكم من ذكر وأنثى .. } الآية وقوله: {فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكها}. انتهى

قال المؤلف (والصَّغِيِرَةُ إلى وَلِيِّها)

أي وتُخطب الصغيرة إلى وليها؛ لأنّه لا يُعتبر رضاها، لصغرها وعدم إدراكها ما يناسبها.

قال: (وَرِضَا البِكْرِ صُمَاتُها)

تُستأذن البكر؛ فيُقال لها مثلاً: خطبك فلان ابن فلان، فإذا سكتت أو ضحكت دلّ ذلك على رضاها.

فعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تُنكحُ الأَيِّمُ حتى تُستَأمَرَ، ولا تُنكحُ البِكرُ حتى تُستأذنَ» قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنُهَا؟ قال: «أن تَسكُتَ» (١).


(١) أخرجه البخاري (٥١٣٦)، ومسلم (١٤١٩).

<<  <   >  >>