للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دلّ هذا الحديث على أن المهر واجب لا يسقط عن الزوج، وأنه يصحّ أن يكون مالاً ويصح أن يكون منفعة؛ لأن تعليم المرأة القرآن منفعة وليس مالاً.

قال: (وَمَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً وَلَمْ يُسَمِّ لَها صَدَاقَاً؛ فَلَها مَهْرُ نِسَائِها إِذا دَخَلَ بِها)

إذا تزوج رجل امرأة ولم يذكر في العقد المهر الذي سيعطيها إياه؛ فلها مهر نسائها؛ أي لها مهر مثل ما تأخذ بقية النساء اللاتي في مثل مستواها؛ كأختها مثلاً وعمتها؛ فتأخذ هي كذلك في حال دخل بها؛ لحديث معقل بن سنان الأشجعي - رضي الله عنه -: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ عن رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقاً حتى مات؛ فقضى لها على صداق نسائها» (١) أي مَهْرُ مِثْلِها من النساء، وعليها العدة ولها الميراث.

الشاهد أنه قضى لها على صداق نسائها أي لها مهر مثل مهر نسائها يعني النساء اللاتي هن في مستواها في الجمال والمال والبكارة من عصباتها؛ كأخواتها وعماتها وبنات عماتها؛ هذا إن دخل بها.

وأما إن لم يسم لها صداقاً وطلقها قبل الدخول؛ فعليه المتعة؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً} [الأحزاب: ٤٩]. فمتعوهن؛ أي أعطوهن ما يستمتعن به من مال أو منفعة، وتقدَّر هذه المتعة على حسب حال الرجل من عسرٍ ويسر وما يناسب المرأة عرفاً.

قال المؤلف - رحمه الله-: (وَيُسْتَحَبُّ تَقْدِيِمُ شَيْءٍ مِنَ المَهْرِ قَبْلَ الدُّخُولِ)

يجوز أن يكون المهر معجَّلاً ومؤجَّلاً.

المعجل هو: المدفوع عند العقد، والمؤجل: يدفع بعد العقد.


(١) أخرجه أحمد (٢٥/ ٢٩١)، وأبو داود (٢١١٤)، والترمذي (١١٤٥)، والنسائي (٣٣٥٤)، وابن ماجه (١٨٩١) من حديث معقل الأشجعي رضي الله عنه.

<<  <   >  >>