للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويجوز أن يكون بعضه معجلاً وبعضه مؤجلاً، لا بأس بذلك كله؛ لأنه عقْد معاوضة؛ يعني دفع شيء عوضاً عن شيء؛ كالثمن في البيع والشراء، فقد سمّاه الله تبارك وتعالى أجراً في كتابه.

ولكن يستحب تقديم شيء من المهر قبل الدخول كما قال المؤلف رحمه الله؛ لحديث سهل بن سعد - رضي الله عنه - المتقدم في حادثة الرجل الذي أراد أن يتزوج فقال له - صلى الله عليه وسلم -: «التمس ولو خاتماً من حديد» (١) متفق عليه.

قال المؤلف: (وَعَلَيْهِ إِحْسانُ الْعِشْرَةِ)

أي: على الرجل أن يحسن عشرة المرأة، والعشرة بمعنى الصحبة.

فعليه أن يحسن عشرتها؛ أي أن يكرمها، ويتلطف معها، ويداعبها، ويرفق بها، ويعلمها، ويؤدبها، ويرحمها، ويكف الأذى عنها، ويعينها على طاعة الله، ويجنبها ما حرَّم الله، ويتحبب إليها، ويتزين لها، ويصبرعليها في الجماع إلى أن تقضي شهوتها، ويوسع النفقة عليها، ما استطاع؛ فهذا كله من إحسان العشرة.

وإحسان العشرة واجب بقدر الاستطاعة؛ لقول الله تبارك وتعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: ١٩]، بالمعروف شرعاً وبالمعروف عرفاً.

قال - صلى الله عليه وسلم -: «استوصوا بالنساء خيراً؛ فإنهن خُلقنَ من ضلع، وإن أعوج شيء في الضلع أعلاه، فإن ذهبتَ تقيمَه كسرته، وإن استمتعت بها استمتعت بها على اعوجاجها، فاستوصوا بالنساء خيراً» (٢)؛ هذه وصية النبي - صلى الله عليه وسلم - فلا بد أن يكون الرجل رفيقاً بالمرأة حنوناً عليها لطيفاً معها، فلا يستغل وضع القوة الذي وضعه الله سبحانه وتعالى فيه، ويتجبّر بها ويتسلط عليها؛ فهذا ليس من خلق المسلم ولا هو من العشرة الحسنة التي أوصى بها النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمر بها ربنا تبارك وتعالى.

وكما أن على الرجل إحسان العشرة؛ كذلك على المرأة أن تحسن عشرة زوجها؛ قال تعالى: {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٢٨].


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٥١٨٤)، ومسلم (١٤٦٨) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <   >  >>