للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ووجوب الوضوء على المحدث فقط، وأما من لم يحدث فصلاته مقبولة، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى يوم الفتح الصلوات كلها بوضوء واحد، وقال: «عمداً صنعته» (١) أي ليبين الجواز.

وجاء عن أنس - رضي الله عنه - أنه قال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ لكل صلاة فقيل له: وأنتم؟ قال: نحن كنا نصلي أكثر من صلاة بوضوء واحد (٢) - وهذه سنة تقريرية -.

وإذا أخذنا بالآية - {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤؤسكم وأرجلكم إلى الكعبين} - هكذا على ظاهرها كان واجباً على كل من أراد أن يصلي أن يتوضأ سواء كان متوضئاً أو غير متوضئ لكن لما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن هذا ليس بلازم احتجنا إلى تفسير لهذه الآية وصرف لها عن ظاهرها، فقدّر أهل العلم أن معناها: «إذا قمتم إلى الصلاة محْدِثين فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق».

وهذا تقدير جمهور علماء الإسلام عملاً بجميع الأدلة الواردة في ذلك.

فالوضوء واجب على المحدِث إذا أراد أن يصلي، ومستحب للمتوضئ تجديد وضوئه، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتوضأ عند كل صلاة كما جاء في حديث أنس (٣).

قال المؤلف - رحمه الله -: (يجبُ على كل مكلَّف أن يسمي إذا ذكر)

يقرر المؤلف - رحمه الله - هنا وجوب التسمية في الوضوء.

والعلماء تارة يطلقون الوجوب ويريدون الركن الذي لا يصح العمل إلا به، وتارة يطلقون الوجوب الذي يصح العمل مع عدم وجوده، ولكن تاركه يأثم، ويريدون الواجب الذي هو بمعنى ما أمر به الشارع أمراً جازماً.

ومعلوم أن الأحكام الشرعية واجبة على المكلّفين، أما غير المكلّف فلا تجب عليه، لأن القلم مرفوع عنه.

و(المكلّف): هو البالغ العاقل.


(١) أخرجه مسلم (٢٧٧) عن بريدة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه البخاري (٢١٤).
(٣) تقدم قبل قليل.

<<  <   >  >>