للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما التسمية في الوضوء، فاختلف أهل العلم في حكمها، فقال بعضهم بالوجوب وقال البعض بالاستحباب، وقال البعض بالبدعية، وسبب الخلاف صحة الأحاديث التي وردت فيها وفهمها.

فمن قال بالوجوب كما قال المؤلف، احتج بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه» أخرجه أبو داود وغيره (١).

وهذا الحديث يدلّ على أن التسمية شرط في الوضوء لا يصحّ الوضوء إلا بها.

واستثنى رحمه الله الناسي، للأدلة الواردة التي تدل على أن الناسي غير مؤاخذ.

لكن هذا الحديث ضعيف ضعّفه جمع من علماء العلل المتقدّمين، بل قال الإمام أحمد - رحمه الله-: «لا أعلم في هذا الباب حديثاً له إسناد جيد».

وفي رواية عنه: «ليس فيه حديث يثبت»، فضعّف بذلك جميع الأحاديث التي تدل على ما دل عليه هذا الحديث.

فإذا لم يصح فيه شيء فلا معنى لإبطال عبادة الناس بغير دليل صحيح.

بل لو كانت البسملة مستحبة في هذا الموضع لنقل إلينا ذلك، فالأحاديث التي رواها عثمان وعلي وأبو هريرة وغيرهم من الصحابة التي فيها دقائق أفعال الوضوء ليس في شيء منها ذكر البسملة بإسناد يعتمد عليه. والله أعلم.

قال - رحمه الله -: (ويتمضمضَ ويستنشقَ)

ذهب المؤلف - رحمه الله - إلى وجوب المضمضة والاستنشاق في الوضوء.

و(المضمضة) معروفة، وهي أن يجعل الماء في فمه ثم يديره ثم يمجّه.

و(الاستنشاق): إدخال الماء في الأنف.

و(الاستنثار): إخراج الماء من الأنف.


(١) أخرجه أحمد (١٥/ ٢٤٣)، وأبو داود (١٠١)، وابن ماجه (٣٩٩) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -.
أعلّه البخاري بالانقطاع، وله طرق كلها معلّة. انظرها في «البدر المنير» (٢/ ٦٩).

<<  <   >  >>