للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال المؤلف: (ولو هازِلاً)

والمراد: أن الطلاق جائز من مكلف مختارٍ ولو كان هازلاً؛ أي ولو كان هذا المكلف المختار مازحاً غير جادٍّ؛ فإن طلاقه يقع عند المؤلف وعند جمهور العلماء، استدلوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاثٌ جِدُّهن جِدّ وهَزْلُهُنَّ جِدّ: النكاح والطلاق والرجعة» (١) وهو حديث ضعيف.

فإذا كان هذا الحديث ضعيفاً فيبقى معنا عموم قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى» (٢)؛ والهازل اللاعب لم يكن قاصداً الطلاق فلا يقع طلاقه على الصحيح، والله أعلم.

نقل بعضهم الإجماع، فإذا صح الإجماع في المسألة قلنا به، لكنه لا يصح.

قال المؤلف: (لِمَنْ كانتْ في طُهْرٍ لَمْ يَمَسَّهَا فيهِ، ولا طَلَّقَها في الحَيْضَةِ التي قَبْلَهُ، أو في حَمْلٍ قَدِ اسْتَبانَ)

هذا الطلاق يسمى طلاق السنة، فالطلاق الذي شرعه الله - تبارك وتعالى-، إنما يكون على حال المرأة المذكور هنا؛ قال: (لمن كانت في طهر لم يمسها فيه) أي طلاق المرأة جائز إذا كانت طاهراً - ليست حائضاً- طهراً لم يمسها فيه، أي في طهرٍ لم يجامعها فيه.

(ولا طلقها في الحيضة التي قبله)؛ فإذا طلقها في حيضةٍ مثلاً، يُلزَمُ بأن يرجعها، كما حصل مع ابن عمر، ولا يطلقها في الطهر الذي بعدها مباشرة؛ بل ينتظر حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر؛ بعد ذلك إذا شاء طلَّق وإذا شاء أمسك.

فالطلاق لا يكون في طُهرٍ سُبِق بحيضٍ وقع فيه طلاق، هذا معنى قوله (ولا طلقها في الحيضة التي قبله)، فإذا طلقها في حيضةٍ فلا يطلِّق في الطهر الذي بعد هذه الحيضة.


(١) أخرجه أبو داود (٢١٩٤)، والترمذي (١١٨٤)، وابن ماجه (٢٠٣٩) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، وهو حديث ضعيف؛ في سنده عبد الرحمن بن حبيب بن أدرك، قال فيه النسائي: منكر الحديث. ثم وقفت على كلام شيخنا الوادعي رحمه الله أعل الحديث به، وقال: والأمام البخاري رحمه الله تعالى يشير إلى ضعف هذا الحديث، فيقول، أو يذكر ترجمة معناها: أن الطلاق لا يقع إلا بالنية، ثم ذكر حديث: إنما الأعمال بالنيات ... ". انتهى من "غارة الأشرطة" (١/ ١٣٦). فالحمد لله على توفيقه.
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <   >  >>