قوله:(أو في حملٍ قد استبان)؛ أي في حملٍ قد اتضح وعُرِف بأن المرأة حامل، فيجوز له أن يطلق، فيكون طلاق الحامل طلاق سنة.
فطلاق السنة أن يطلقها في طهرٍ لم يجامعها فيه، أو يطلقها وهي حامل.
قال تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}[الطلاق /١]، قال ابن عمر وابن عباس وغيرهما: الطهر من غير جماع، هذا معنى الطلاق في العدة، أي في طهر لم يجامعها فيه.
وفي الصحيحين عن ابن عمر: أنه طلق امرأته وهي حائض، فذكر عمر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فتغيظ فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال:«ليراجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها، فتلك العدة كما أمر الله عز وجل»(١) هذا أمر من النبي - صلى الله عليه وسلم - بإرجاعها ثم يمسكها حتى تطهر، ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها، فهذه هي العدة التي أمر الله تعالى بها.
وهذا الحديث يبين لنا الطلاق السني.
فانظر هنا ماذا قال: يُرجعها، ثم يمسكها حتى تطهر، هذا طهر سُبق بحيضة قد وقع فيها طلاق، قال: ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر، فلا يطلق في الطهر الذي بعد الحيضة مباشرة؛ بل يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فإذا طَهُرت بعد ذلك وقبل أن يجامعها، له أن يطلق إن أراد أن يطلق.
قال: فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها، هذا هو الضابط، فتلك العدة كما أمر الله عز وجل.
بيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - العدة المقصودة في الآية.
هذا الحديث هو دليل المؤلف على قوله:(ولا طلقها في الحيضة التي قبله) لأنه إذا طلقها في الحيضة لزمه أن يمسكها حتى تطهر من حيضتها التي طلقها فيها، ثم يبقيها عنده في طهرها ذاك، ثم تحيض، وبعد الانتهاء من الحيضة الثانية له أن يطلقها، هذا الذي دل عليه حديث ابن عمر.
وأفاد أيضاً حديث ابن عمر عدم جواز طلاق المرأة وهي حائض.