وألفاظ غير صريحة، وهي التي يقال لها: كنايات، وهذه لا بد فيها من النية.
قال رحمه الله:(وبِالتَّخْيِيرِ إِذا اخْتارَتِ الفُرْقَةَ)
إذا قال الرجل لزوجته: اختاري البقاء معي أو الطلاق، فاختارت الطلاق، وقع الطلاق في هذه الحالة.
هذا ما يريده المصنف -رحمه الله- بقوله (وبالتخيير إذا اختارت الفرقة) أي بتخيير المرأة، إذا خيَّرها زوجها وقال لها: الأمر إليكِ، إن شئتِ أن تبقي معي، وإن شئتِ أنتِ طالق، أو طلِّقي نفسك، أو أنتِ حرة، أو اختاري هكذا أو هكذا، فاختارت الطلاق؛ وقع الطلاق بهذا التخيير، لقول الله تعالى لنبيه:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً}[الأحزاب / ٢٨ - ٢٩] وبعد نزول هذه الآية، خيَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - نساءه، وقالت عائشة:«خيَّرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاخترنا الله ورسوله، فلم يَعُدَّ ذلك علينا شيئاً»(١)، أي فلم يجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا التخيير وهذا الاختيار الذي اخترنه طلاقاً.
فيدل هذاعلى أن التخيير له أثر، لأنه لو لم يكن لتخييرهن أثر لم يكن له معنى، فما المعنى من التخيير إذا اخترنَ الطلاق ولا يقع الطلاق؟
إذا فللتخيير أثر.
قال المؤلف:(وإذا جَعَلَهُ إلى غَيْرِهِ وَقَعَ مِنْهُ)
أي إذا وكَّل في الطلاق شخصاً وطلقَّ الشخص زوجة الأول الموكِّل، وقع الطلاق في هذه الحالة.
مثاله: زيد وكَّل عمراً بأن يطلق زوجته، فطلق عمرو زوجة زيد، فهنا وقع الطلاق؛ فالتوكيل جائز في الطلاق؛ لأنه حق من حقوق الرجل، يملكه هو، فله أن ينيب فيه كبقية الحقوق، يجعل له نائباً يقوم عنه بهذا العمل.