للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن طريف ما يُذكر في هذا، أن رجلاً كان متزوجاً أربع نسوة، وحصل بينه وبينهنَّ مشادَّة، وله جيران يسمعونه إذ البيوت متلاصقة، فأغضبنه، فقال للأولى: أنتِ طالق، فتكلمت الثانية فطلقها، فتكلمت الثالثة فطلقها، فتكلمت الرابعة فطلقها، فقامت امرأة الجيران وقالت له: حسبي الله عليك، أتطلق أربعة في يوم واحد؟ قال: وأنتِ طالق إن أذن زوجك، قال زوجها: قد أذِنت، قد أذنت، فطلقت المرأة، فطلق الخمسة في لحظة واحدة.

قال المؤلف: (ولا يَقَعُ بالتَّحْرِيِمِ)

أي بقوله لها مثلاً: أنتِ علي حرام، فحرَّمها على نفسه. قال المؤلف: لا يقع الطلاق بذلك، أي: بمجرد التحريم أن يقول لها: أنتِ علي حرام؛ لا يقع الطلاق.

والصحيح أن في هذه المسألة تفصيلاً؛ فإذا نوى الطلاق بلفظ التحريم، فهو طلاق واقع، كبقية الكنايات، كالكناية التي قدمنا: الحقي بأهلك، وغيرها من ألفاظ الكنايات فكذلك هذه، إذا قال: أنتِ علي حرام وقصد الطلاق، وقع الطلاق لأنه يصبح من طلاق الكنايات.

وإذا لم ينوِ الطلاق، فعليه كفارة يمين، لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ وَاللهُ مَوْلَاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ} [التحريم ٢ - ١]، فهذا التفصيل هو الراجح والصحيح في هذه المسألة.

قال المؤلف: (والرَّجُلُ أَحَقُّ بِامْرَأَتِهِ في عِدَّةِ طلاقِها، يُراجِعُها متى شاءَ إذا كانَ الطَّلاقُ رَجْعِيًّا، ولا تَحِلُّ لهُ بَعْدَ الثالِثَةِ حتى تَنْكِحَ زَوْجَاً غَيْرَهُ)

عدة الطلاق: هي المدة الزمنية المحدودة المحصورة التي تمسك فيها المرأة عن الزواج بعدما يطلقها زوجها، والرجل أحق بامرأته في عدة طلاقها.

وستأتي المدة التي تجب عليها أن تبقى معتدة فيها.

وإذا كانت المرأة لا زالت في فترة العدة فلزوجها أن يردها، وترجع زوجة له من غير عقد جديد، ولا يجوز لأحد أن يتزوجها في هذه المدة؛ فلا يزال لزوجها الأحقية فيها؛ لأنها ما زالت زوجة له لا تنفصل عنه إلا بعد الانتهاء من العدة، فالرجل أحق بامرأته في عدة طلاقها وذلك في الطلاق الرجعي أي بعد الطلقة الأولى والطلقة الثانية؛ له أن يردها، لكن بعد الطلقة الثالثة ليس له أن يردها إلا بعد أن تنكح زوجاً آخر برغبة، ويدخل بها، ثم إذا طلقها فلزوجها الأول أن يتزوجها بعد ذلك، قال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ

<<  <   >  >>