للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} [البقرة /٢٢٨]، فهذه عدة المطلقة؛ ثلاثة قروء، والقرء قيل: الحيض، وقيل: الطهر، وسيأتي الحديث عن هذا إن شاء الله.

قالت عائشة: « ... كان الناس والرجل يطلق امرأته ما شاء أن يطلقها، وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة، وإن طلقها مائة مرة أو أكثر، حتى قال رجل لامرأته: والله لا أطلقك فتبيني مني، ولا آويك أبدا، قالت: وكيف ذاك؟ قال: أطلقك، فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك، فذهبت المرأة حتى دخلت على عائشة فأخبرتها، فسكتت عائشة، حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فسكت النبي صلى الله عليه وسلم، حتى نزل القرآن: " {الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان} [البقرة: ٢٢٩] "، قالت عائشة: فاستأنف الناس الطلاق مستقبلا من كان طلق، ومن لم يكن طلق» (١)، أي تبقى امرأته إذا راجعها في عدتها.

وقوله: (والله لا أطلقكِ فتبيني مني) أي فتنفصلي عني، تنهي العدة وتنفصلي، لا أطلقكِ بهذا الشكل.

وقوله (ولا آويكِ أبداً)، أي: لا تبقين زوجتي دائماً، ولا أطلقكِ حتى تنفصلي عني، أي يتركها معلقة.

وأما كونها لا تحل له بعد الثالثة حتى تنكح زوجاً آخر، فلقوله تعالى: {فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ فَإِن طَلَّقَهَا فلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللهِ} [البقرة/ ٢٣٠] أي فإن طلقها الزوج الأول فلا تحل أن ترجع له حتى تنكح زوجاً آخر، فإن طلقها الثاني فلها أن ترجع لزوجها الأول.

وفي الصحيحين قال - صلى الله عليه وسلم - لامرأة رفاعة القرظي: «لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك» (٢) أي: حتى يجامعها زوجها الثاني ولا يكفي مجرد العقد.

إذن بعد أن يطلق الرجل زوجته المرة الثالثة، ينفصل عنها ولا يجوز له أن يرجعها حتى تتزوج زوجاً ثانياً نكاح رغبة وليس نكاح تحليل؛ أي يتزوجها ويطلقها من أجل أن يردها للأول.


(١) أخرجه الترمذي (١١٩٢)، وقال في "العلل الكبير" (٣٠٥): سألت محمداً - يعني البخاري- عن هذا الحديث؛ فقال: الصحيح عن هشام عن أبيه مرسلا. انتهى.
قلت: فهو ضعيف لا يحتج به، والآية كافية في المراد. والله أعلم.
(٢). أخرجه البخاري (٥٣١٧)، ومسلم (١٤٣٣).

<<  <   >  >>