للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رجل قال لزوجته: أنتِ علي كظهر أمي لمدة شهر، وجامع زوجته قبل انتهاء الشهر؛ وجب عليه أن لا يعود إلى الجماع مرة أخرى، وأن يكف عنه إلى أن تنتهي المدة، هذا ما قاله المؤلف، وظاهر كلامه أنه لا كفارة عليه.

والصحيح تلزمه الكفارة؛ لأنه عاد فيما قال.

والقول بأنه لا تلزمه كفارة مخالف لظاهر الآية.

وقوله: حتى يكفِّر في المطلق، المطلق يعني غير مقيد بوقت، الآية وردت في منع المُظاهر من جماع امرأته إلى أن يكفِّر بعتق رقبة، أو بصيام، فقال بعد ذكر العتق والصيام: {مِن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا}.

فإذا كانت الكفارة عتق أو صيام فيلزمه إذا جامع قبل أن يكفر؛ أن يكف عن الجماع حتى يكفر، ولا شيء آخر عليه سوى التوبة للمخالفة، ولا يوجد دليل يلزمه بكفارة ثانية.

المؤلف استدل بحديث ابن عباس: «لا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله» (١) رفعه، وهو ضعيف، أعله أبو حاتم الرازي (٢) والنسائي (٣) وصححا المرسل، والصواب فيه الإرسال.

أما في الإطعام فلم يذكر بعده ما ذكره بعد العتق والصيام، فلا يشترط تقديم الكفارة على الجماع فيها.

الخلاصة: أنه إذا جامع قبل انتهاء المدة -إذا كان قد حدد مدة معيَّنة- تلزمه الكفارة، وإذا لم تكن المدة محددة؛ تلزمه أيضاً الكفارة، وإذا كانت الكفارة عتق رقبة أو صيام؛ فلا يجوز له أن يجامع حتى يكفّر، وإذا حصل وجامع قبل التكفير فيكف عن الجماع حتى يكفر، وأما إذا كانت الكفارة الإطعام فيجوز أن يجامع ويطعم بعد ذلك على الصحيح. والله أعلم.


(١) أخرجه الترمذي (١١٩٩)، والنسائي (٣٤٥٧)، وابن ماجه (٢٠٦٥).
(٢) انظر «علل ابن أبي حاتم» (١٢٩٤).
(٣) انظر «سنن النسائي» (٣٤٥٩).

<<  <   >  >>