للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيجعل عدة الأمة حيضتين وعدة الحرة ثلاث؛ لا يصح منها شيء، فيبقى عندنا الأصل: العمومات التي وردت تنطبق على الحرة وعلى الأمة.

قال: (وعلى المُعتدّةِ للوفاةِ: تركُ التَّزيُّنِ)

لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تُحِدّ على ميت فوق ثلاث، إلا على زوجٍ أربعة أشهر وعشراً» متفق عليه (١).

وله شواهد في الصحيحين وغيرهما، منها حديث أم عطية: عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت: «كنا ننهى أن نحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا، ولا نكتحل ولا نتطيب ولا نلبس ثوبا مصبوغا، إلا ثوب عصب، وقد رخص لنا عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نبذة من كست أظفار، وكنا ننهى عن اتباع الجنائز» (٢).

ولا يصح حديث يخالف هذه الأحاديث، وإذا خالف حديث خارج الصحيحين ما في الصحيحين يطرح ما خارج الصحيحين، إذا لم يمكن الجمع أو يثبت النسخ من غير تكلف.

انتهى المؤلف من العدة، وبدأ بالإحداد، الإحداد يكون في حق المرأة التي توفي عنها زوجها: أربعة أشهر وعشرا، أما غير الزوجة؛ فلا يجوز للمرأة أن تحد على أحد إلا ثلاثة أيام، وليس أكثر، لظاهر الحديث المتقدم.

والإحداد: هو ترك التزين والتطيب كما تقدم، وهذا الحكم الذي ذُكر أن المرأة تحد على زوجها أربعة أشهر وعشر في غير الحامل، وأما الحامل فبوضع الحمل ينتهي الإحداد، والإحداد يكون للموت فقط لا لغيره، والطلاق لم يرد ما يدل على الإحداد فيه، ولم تكن نساء السلف يفعلنه، ثم معنى الإحداد التظهُّر بما يدل على الحزن لمفارقة الزوج بالموت، وهذا المعنى غير موجود في الطلاق فلذلك يختلف حكم الطلاق عن حكم الوفاة.

قال: (والمُكْثُ في البَيتِ الذي كَانَت فيهِ عندَ موتِ زوجِهَا، أو بُلوغِ خَبرِهِ)

يقول المؤلف: على المعتدة بالوفاة أي بسبب موت زوجها أن تمكث في البيت الذي كانت فيه عند موت زوجها أو بلوغ خبره، يستدلون على ذلك بحديث الفُرَيْعة بنت مالك، عندما مات زوجها أرادت أن تخرج من بيتها وذكرت عذراً لها في ذلك، فقال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -:


(١) البخاري (١٢٨٠)، ومسلم (١٤٨٦) من حديث أم حبيبة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنها.
(٢) البخاري (٥٣٤١)، ومسلم (٩٣٨).

<<  <   >  >>