«امكثي في بيتك الذي أتاكِ فيه نعيُ زوجكِ حتى يبلغ الكتاب أجله «حتى تنتهي فترة العدة، قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهرٍ وعشرا (١).
وهذا الحديث هو عُمدتهم في أن المرأة إذا توفي عنها زوجها لا يجوز لها أن تبيت خارج بيتها الذي مات زوجها وهي تسكنه، وهذا الحديث من رواية زينب بنت كعب بن عُجرة، الصحيح أنها تابعية ولا يصح حديث في كونها صحابية، وهذا الذي رجحه المحققون من أهل العلم أنها تابعية، ذكرها
ابن حبان في الثقات وروى عنها اثنان ولم يرد فيها تعديلٌ معتبر فهي مجهولة الحال، والحديث عليها يدور، فإذا كان الحديث هذا ضعيفاً فلا يلزم المرأة أن تبيت في بيتها بل يجوز لها أن تبيت في غيره وتعتد حيث شاءت.
ولزوم المبيت عندهم يبدأ بأول العدة عند الوفاة، فلو أنها لم تعلم بموته إلا بعد انتهاء مدة العدة، فلا عدة عليها لأن وقتها انتهى، مدة العدة تبدأ بالموت، لا بالعلم به.
فلو أن الرجل مات في أول الشهر، وبلغ المرأة وفاته بعد شهرين، تعتد شهرين وعشرة أيام، العدة تبدأ بوفاة الميت لا ببلوغ الخبر.
قال المؤلف رحمه الله:(وامرأةُ المفقودِ تَربَّصُ أربعَ سنين ثم تعتدّ عدةَ الوفاة وهي امرأتُهُ ما لم تتزوّج)
المفقود هو من انقطع خبره ولا يُعلم أحيٌّ هو أم ميت.
ودليل ما ذكره المصنف؛ قول عمر - رضي الله عنه - في امرأة المفقود: «تتربص أربع سنين، ثم تعتد بعد ذلك «، هذا فيه قصة: رجل من المسلمين خرج إلى المسجد فأخذه الجن ولم يرجع إلا بعد مضي أربع سنين، فأفتى عمر ابن الخطاب رضي الله عنه لزوجته بهذا، أنها تربَّص - أي تنتظر - أربع سنين ثم تعتد بعد ذلك ثم لها أن تتزوج، فجاء هذا الرجل بعد هذه المدة، سأله عمر أين كنت؟ تغيب عن زوجتك هذه المدة ثم ترجع؟ قال له: لي عذر! قال: فما عذرك؟ فقال: كنت سائراً إلى المسجد فأسرتني الجن، أخذوه أسيراً، قال: ثم بعد ذلك حصل غزو من جن مسلمين لجن كافرين، فأخذه الجن المسلمون أسيراً عندهم فتبين لهم أنه مسلم فقالوا له: لا يحل لنا أسرك فإن شئت أن تبقى عندنا بقيت وإن شئت أن ترجع إلى أهلك ارجع، فرجع إلى أهله.
(١) أخرجه أحمد (٢٧٠٨٧)، وأبوداود (٢٣٠٠)، والترمذي (١٢٠٤)، والنسائي (٣٥٣٠) وابن ماجه (٢٠٣١).