للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لكن كما هو معلوم فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولن تتمكن من غسل جميع الوجه الذي أُمرت بغسله إلا بغسل شيء من الشعر وقليل من أسفل الذقن.

ثم قال - رحمه الله -: (ثم يَدَيْهِ مع مِرْفَقَيْهِ)

أي يغسل بعد وجهه يديه مع المرفقين، والمرفقان، هما المفصلان بين العضد والذراع، وهو الموضع التي ينثني عندك في نصف اليد تقريباً، والذي يُسَهِّلُ عليك ثني اليد.

والوارد في الآية {فاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ}، وكلمة «إلى» في اللغة تدل على غاية الشيء، لكن هل هذا الشيء الذي انتهينا إليه يدخل فيما أُمرنا به أم لا يدخل؟

في دخوله احتمال، لكن وردت السنة ببيان أنه داخل، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يغسلهما في وضوئه، وورد عن نُعيم أنه قال: رأيت أبا هريرة يتوضأ قال: «فغسل يده اليمنى حتى أشرع في العضد وغسل يده اليسرى حتى أشرع في العضد» (١)، يعني حتى بدأ بغسل العضد.

إذاً دخل المرفق في الغسل، فتبين لنا بهذا أن غسل اليدين يكون مع المرفقين.

ومهم أيضاً أن ننبِّه على أن غسل اليدين يبدأ من الأصابع من البداية إلى المرفقين، وليس من الرسغ، وكثير من الناس يبدأ بالرسغ ويُكمل إما لجهله بوجوب غسل اليدين، أو اعتماداً على غسل الكفين في بداية الوضوء، وهذا خطأ، فاليد التي ذُكرت في الآية تشمل الكف.

فالغسل يجب أن يبدأ من رؤوس الأصابع إلى المرافق.

ثم قال - رحمه الله -: (ثم يمسحُ رأسَهُ)

وهذا أيضاً من أركان الوضوء لا خلاف في وجوبه، والخلاف حاصل في وجوب مسحه كله، أم بعضه؟

الرأس هو ما اشتملت عليه منابت الشعر المعتاد.

وهذه التعريفات الدقيقة توصلك إلى معرفة الواجب بسهولة.


(١) أخرجه مسلم (٢٤٦)، وقال في آخره: «هكذا رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ».

<<  <   >  >>