والرضعة هي أن يأخذ الصبي الثدي فيمتص منه ثم يستمر على ذلك حتى يتركه باختياره بغير عارض.
بغير عارض يعرض له؛ أي بغير سبب طارئ يشغله عن إتمام الرضعة، يتركه باختياره؛ لأنه شبع منه، خمس رضعات على هذه الصفة يحصل بها التحريم.
وقوله: مع تيقن وجود اللبن؛ المراد باللبن ما نسميه نحن اليوم الحليب.
سبب ثبوت حكم الرضاع هو اللبن فإذا لم يوجد لم يحصل حكم؛ فلابد من التأكد من وجود الحليب في صدر المرأة المرضعة.
اليوم أحدثوا أمراً جديداً، وهو درّ اللبن عن طريق الإبر، إبرة يعطونها للمرأة فتدرُّ اللبن، تهيج هرمون اللبن وتدر لبناً، فهل هذا اللبن يحرِّم كما يحرِّم اللبن الطبيعي؟
إذا كان هذا اللبن مغذيّاً فيُحرِّم؛ لكن التحريم يكون من جهة الأم فقط، لا من جهة الأب، فيحرم الأب لأنه زوج أُمّ وليس أباً؛ لأنه هنا ليس صاحب اللبن، في هذه الصورة ليس صاحب اللبن، فالتحريم يكون من جهة الأم فقط، فالأم هي التي أرضعت الولد، واللبن لبنها فيكون التحريم، أما الأب فيكون زوج أمٍّ للطفل بالرضاع ولا يحرم أقاربه.
قال المؤلف رحمه الله: (وكَونِ الرَّضِيعِ قبلَ الفِطَامِ)
هذا الشرط الثاني، يعني يشترط في الرضاع المحرم أن يرضع الرضيع من المرأة قبل الفطام، قبل أن يفطم، وذلك في العامين الأولين.
وردت عدة أحاديث تدل على ما ذكر المصنف، أصح شيء في ذلك وهو صحيح عن عائشة قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: «انظرن مَن إخوانكنّ فإنما الرضاعة من المجاعة «(١)
معنى الحديث: أن الرضاعة التي تثبت بها الحرمة هي ما كان في الصغر والرضيع طفل وقوته اللبن ويسد اللبن جوعه، وأما ما كان منه بعد ذلك الحال الذي لا يسد جوعه اللبن ولا يشبعه إلا الخبز واللحم وما يشبههما فلا يحصل به التحريم.
فالرضاع الذي يحصل به التحريم هو ما كان في أول عامين من أعوام الطفل؛ لقول الله تبارك وتعالى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَة} فتمام الرضاع بالحولين الأولين.
قال المؤلف رحمه الله: (ويَحرمُ به ما يَحرُمُ بالنَّسبِ)
(١) أخرجه البخاري (٥١٢)، ومسلم (١٤٥٥).