للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا توفرت الشروط المتقدمة يحصل التحريم بالرضاع كما يحصل بالنسب تماما؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب «متفق عليه (١)، وهذا كنا قد بينّاه وفصلنا القول فيه عند مبحث التحريم في كتاب النكاح.

قال المؤلف رحمه الله: (ويُقبَلُ قولُ المُرضِعةِ)

أي يثبت به التحريم قول المرضعة أنها أرضعت شخصا؛ لما أخرجه البخاري عن عقبة بن الحارث أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز فأتته امرأة فقالت: إني قد أرضعت عقبة والتي تزوج، فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني، ولا أخبرتني، فركب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فسأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كيف وقد قيل» ففارقها عقبة، ونكحت زوجا غيره (٢)، وفي رواية عند البخاري: «وكيف وقد زعمت أن قد أرضعتكما؟ «فنهاه عنها (٣)، وفي رواية قال «دعها عنك (٤) «وفي رواية «ففارقها عقبة «(٥) هذا كله يدل على أن قول المرضعة وحدها أنها أرضعت فلاناً وفلانة كافياً في التحريم.

قال المؤلف رحمه الله: (ويجوزُ إرضاعُ الكبيرِ ولو كان ذا لحِيةٍ؛ لِتجويزِ النَّظر)

هذه المسألة محل خلاف بين العلماء، مسألة إرضاع الكبير.

جمهور العلماء على منعها، وأن إرضاع الكبير غير صحيح، ولا تترتب عليه حرمة.

الذي يقول بإرضاع الكبير وأن الرضاع في الكبر مؤثِّر؛ يستدل بحديث امرأة أبي حذيفة، روته عائشة رضي الله عنها، أن سالما، مولى أبي حذيفة كان مع أبي حذيفة وأهله في بيتهم، فأتت - تعني ابنة سهيل - النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال. وعقل ما عقلوا. وإنه يدخل علينا. وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا. فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم «أرضعيه تحرمي عليه، ويذهب الذي في نفس أبي حذيفة» فرجعت فقالت: إني قد أرضعته. فذهب الذي في نفس أبي حذيفة


(١) أخرجه البخاري (٢٦٤٥) ومسلم (١٤٤٧).
(٢) أخرجه البخاري (٨٨).
(٣) أخرجه البخاري (٢٦٥٩).
(٤) أخرجه البخاري (٢٦٦٠).
(٥) أخرجه البخاري (٨٨).

<<  <   >  >>