والخلاف بين أهل العلم فيه كبير ولا يوجد دليل يفصل، والنظر إلى مصلحة الطفل أعدل الأقوال فهي المقصودة من الحضانة.
قال المؤلف رحمه الله:(وبعدَ بُلوغِ سِنِّ الاستقلالِ؛ يُخيَّرُ الصبيُّ بين أبيهِ وأمهِ؛ فإن لم يوجَد كَفِلَهُ من كانَ له في كفالتِهِ مصلحةٌ)
بعد سن الاستقلال يعني عندما يستطيع الصبي أن يستقل بنفسه في تنظيف نفسه وغسل ثيابه وإعداد طعامه وما شابه، إذا تمكن من الاستقلال بنفسه يخيَّر بين أبيه وأمه.
يستدلون على ذلك بحديث ورد عند أبي داود قال: قال أبو هريرة: اللهم إني لا أقول هذا إلا أني سمعت امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا قاعد عنده، فقالت: يا رسول الله، إن زوجي يريد أن يذهب بابني، وقد سقاني من بئر أبي عنبة، وقد نفعني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم استهما عليه، فقال زوجها: من يحاقني في ولدي؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«هذا أبوك، وهذه أمك فخذ بيد أيهما شئت»، فأخذ بيد أمه، فانطلقت به (١)
ولكنه حديث ضعيف لا تصح، ولا يصح في هذا الباب شيء، والذي يظهر لي -والله أعلم- أن هذا التخيير عندما تكون مصلحة الولد متوفرة ومرجوة ومتحققة عند الأب وعند الأم، لكن إذا كانت مصلحته متحققة عند أحدهما وغير متحققة عند الآخر فلا ينبغي أن يخَيَّر وهو في هذا السن؛ لأن تخييره لا معنى له، هو صغير ولا يعقل فلا يعرف مصلحته أين تكون، خصوصا إذا كان أحد أبويه كافرا أو فاجرا.
(١) أخرجه أحمد (٧٣٥٢)، وأبو داود (٢٢٧٧)، والترمذي (١٣٥٧)، والنسائي (٣٤٩٦)، وابن ماجه (٢٣٥١)، وفي سنده أبو ميمون سليم قال الدارقطني: مجهول يترك. انتهى، ووثقه من عرف بتوثيق المجاهيل.