للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما السُّنة فالأحاديث في ذلك كثيرة، منها قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعاً» (١) متفق عليه، الشاهد قوله «إذا تبايع الرجلان».

وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: «كانت عكاظ، ومجنة، وذو المجاز، أسواقا في الجاهلية، فلما كان الإسلام، فكأنهم تأثموا فيه، فنزلت: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨] في مواسم الحج «قرأها ابن عباس (٢).

وأما الإجماع: فمعلوم من الدين بالضرورة حِلّ البيع وشرعيته (٣).

حكمته: من المعلوم أن لكل إنسان ضروريات يحتاج إليها وهي ليست عنده، ليست في مِلكه في مِلك غيره، وهذا الغير لا يعطيها إلا بمقابل، فلا بد من البيع كي يحقق الناس ضرورياتهم، فلا تستقيم الحياة إلا بالبيع والشراء، لذلك كان البيع مشروعاً.

ولكن من البيوع ما مفسدته عظيمة أو أعظم من مصلحته فجاء الشرع بتحريمها، معلوم من القواعد الأساسية في شرع الله تبارك وتعالى أن شريعة الإسلام جاءت لتحقيق المصالح وتتميمها ودفع المفاسد وتقليلها، فما فيه خير للناس أجازه الله تبارك وتعالى، وما يعود عليهم بالضرر والفساد حرَّمه عليهم، فشريعة الله تبارك وتعالى هذه شريعة كاملة لا يعتريها النقص بوجه من الوجوه ألبتة، لأن الذي وضعها حكيم خبير عليم، هو الذي خلق البشر وهو الذي يعلم ما يصلحهم وما يفسدهم، ووضع شريعته هذه كي تحقق مصالح البشر وتدرأ عنهم المفاسد، فمن نعم الله تبارك وتعالى على العباد أن تتحقق هذه الشريعة بينهم وأن يقيموا شرع الله بينهم، وعندما لا يكونون أهلاً لهذه النعمة ينزعها الله تبارك وتعالى منهم فيُحرمون الخير.

حكمُ تعلُّمِ فقهِ البيوعِ

فقه البيوع واجب على كل من أراد البيع والشراء.

كل إنسان يحتاج إلى التعامل بالبيع والشراء، فيجب على كل مسلم أن يتعلم أحكام البيع والشراء التي يحتاجها في حياته اليومية، وخصوصاً التجار، فالذي لا يتعلم أحكام هذا الباب ويبيع ويشتري؛ يقع في كثير من المخالفات الشرعية وفي العقود الفاسدة، وما لا يتم


(١) أخرجه البخاري (٢١١٢)، ومسلم (١٥٣١).
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٥٠).
(٣) انظر «مراتب الإجماع «لابن حزم (ص ٨٣) كتاب البيوع، و «الإجماع «لابن المنذر (ص ٩٤) كتاب البيوع.

<<  <   >  >>