للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان في أرض مباحة أو مملوكة. والله أعلم

قال رحمه الله: وما فيه غرر.

أي ولا يجوز بيع ما فيه غرر، هذا أصل عظيم من أصول كتاب البيوع، بيع الغرر، ويدخل فيه مسائل كثيرة.

الغرر في لغة العرب هو: الخطر والخداع.

والتغرير: التعريض للهلاك، وأصل الغرر ما له ظاهر محبوب وباطن مكروه.

والغرر في الاصطلاح هو: ما كان له ظاهر يَغُرُّ المشتري وباطن مجهول.

أي: يخدعه، ويوقعه في الخطر، ولا يدري ماذا ستكون نتيجته.

بعبارة أسهل: الغرر هو: بيعٌ مجهول العاقبة.

فأي عقد مجهول العاقبة لا يدرى إلى ما يصير؛ فهو من بيع الغرر.

والنبي - صلى الله عليه وسلم - «نهى عن بيع الغرر» (١)؛ لأنه يؤدي إلى المنازعة والمخاصمة بين المسلمين.

وأمثلته ذكرها المصنف.

فقال: كالسمك في الماء.

بيع السمك في الماء من بيع الغرر.

إذا كان السمك في ماءٍ كثير، فيكون السمك مجهول الصفة، ومجهول العدد، وربما لا يقدر مشتريه عليه، لا يقدر على صيده وإخراجه، فهذا العقد مجهول العاقبة.

لكن إذا كان الماء قليلاً وصافياً ومحصوراً، فلا يدخل في الغرر؛ لأن بإمكانك أن ترى السمك في الماء في هذه الحالة وأن تعلم عدده أو تقدِّره وأن تعلم صفته، واستخراجه من المكان المحصور سهل مقدور عليه.

فإذا كان الماء قليلاً ولكنه ماء كدر عكر، لا يُرى السمك من خلاله، يكون هذا من بيع الغرر؛ لأن المشتري لا يعلم صفة السمك ولا عدده.

هذا هو التفصيل في هذه المسألة لأن القضية متعلقة بالجهالة، لذلك فصَّلنا هذا التفصيل.

ورد حديث فيه النهي عن بيع السمك في الماء (٢)، خاص بهذه المسألة؛ لكنه ضعيف، ونعتمد فيما قررنا على حديث أبي هريرة المتقدم العام في النهي عن بيع الغرر.

قال: وحَبَل الحَبَلة.

أي حمل الحامل وهو أن تلد الناقة مثلاً أو البقرة أو الشاة ثم تحمل التي وُلدت أي بنتها فيكون المُباع هو الحمل الأخير أي حمل البنت.


(١) أخرجه مسلم (١٥١٣) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه (٢٢٠٥٠)، وأحمد (٣٦٧٦)، والبيهقي (٥/ ٥٥٥) وغيرهم عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -. وصحح البيهقي وقفه على ابن مسعود.

<<  <   >  >>