للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا أيضاً من بيع الغرر؛ لأنه بيع لشيء معدوم غير موجود أصلاً، ومجهول أيضاً في عدده، لا يمكن أن نعلم الناقة هذه كم ستنجب وإن علمنا العدد فهو مجهول في صفته هل سينزل كاملاً، ينزل ناقصاً، ينزل حياً، ينزل ميتاً، هل سينزل ذكراً، ينزل أنثى، كل هذا مجهول، وغير مملوك للبائع، هو ليس في ملك البائع، فمن شرط البيع أن يكون مملوكاً لبائعه، فهو من بيع الغرر.

ورد في النهي عن بيع حبل الحبلة حديث خاص مع أنه داخل في النهي عن بيع الغرر؛ إلا أنه ورد فيه أيضاً حديث خاص به؛ لأنه كان من بيع الجاهلية.

عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع حَبَل الحَبَلة» (١).

وبعض العلماء ذهب إلى معنى آخر لبيع حبل الحبلة، وهو: أن يبيع لحم الجزور - الجمل - بثمن مؤجل إلى أن يلد ولد الناقة.

يعني صار الحمل مدة زمنية لسداد الثمن فقط، وهي مدة مجهولة، فلا يدرى أيحصل حمل أم لا، وإذا حصل متى يحصل.

فعلة النهي هنا أن أجل دفع الثمن مجهول.

وعلة التفسير الذي قدمناه ورجحناه أنه بيع معدوم ومجهول وغير مقدور على تسليمه، وهذا من بيع الغرر.

قال المؤلف: والمُنَابَذَة والمُلَامَسَة.

ومن البيوع المنهي عنها بيع المُنَابَذَة والمُلَامَسَة.

وهي من بيع الغرر.

من بيوع الغرر أيضاً المنهي عنها؛ المنابذة والملامسة.

جاء في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال: » نهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيعتين ولِبستين، نهى عن الملامسة والمنابذة في البيع، قال: والملامسة: لمس الرجل ثوب الآخر بيده بالليل أو بالنهار، ولا يُقلِّبه إلا بذلك.

والمنابذة: أن يَنبِذَ الرجل إلى الرجل بثوبه، وينبذ الآخر بثوبه، ويكون ذلك بيعهما من غير نظر ولا تراضٍ «(٢).

صورة بيع الملامسة: تأتي بثوب تريد أن تبيعه لشخص، فيلمس المشتري الثوب بيده لمساً فقط، ويتم البيع على ذلك، هذا بيع كان يسمى عندهم بيع الملامسة، مجرد اللمس، فلا يفتح الثوب ولا يُقلِّبه ولا يرى ما فيه، هذا أيضاً من بيع الغرر لأنه يجهل حال الثوب وصفته.

وبيع المنابذة: أن يكون عند زيد ثوب وعند عمرو ثوب ويريد أحدهما أن يبيع ثوبه للآخر، فيرمي زيد ثوبه لعمرو ويرمي عمرو ثوبه لزيد، فبمجرد أن يرمي كل منهما ثوبه للآخر يقع البيع، من غير أن ينظر في الثوب ولا يرضاه، هذا أيضاً من بيع الغرر.


(١) أخرجه البخاري (٢١٤٣)، ومسلم (١٥١٤) من حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه البخاري (٥٨٢٠)، ومسلم (١٥١٢).

<<  <   >  >>