والسيارة مكانها في المعرض، حتى وإن كان البنك قد وقَّع عقداً مع المعرض على أن يشتري هذه السيارة، لا يكفي؛ لأنه لم يقبض السيارة، والنبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الشيء حتى يُقبض، وإن تم العقد بينه وبين صاحب المعرض، وإن تم الشراء بينه وبينه إلا أن القبض لم يتحقق، فالسيارة لا زالت في المعرض لم يخرجها، ولا يتحقق القبض في هذه الحالة حتى يخرجها البنك من المعرض، فإن باعها بعد ذلك من غير أن يُلزم المشتري بأي نوع من الإلزام قبل ذلك فيجوز وإلا فلا.
ومهم أن نعلم أن الشراء شيء والقبض شيء آخر، عقد الشراء إذا جئت للشخص وقلت له: أريد أن أشتري منك سيارتك، وقال لك: بعتك وهو استلم المال، تم العقد بينهما، فإذا تفرقا لزم البيع لا يجوز لأحدهما أن يرجع فيما عقده مع الآخر، لكن مسألة القبض مسألة زائدة.
كيف يتم التقابض الآن؟
الأشياء المباعة:
إما أن تنقل؛ كالسيارة مثلاً، أو الطعام، فإذا أخرجها المشتري من المكان الخاص بالبائع يكون قد قبَضَها، قبْضُها يكون بنقلها من المكان الذي يختص بالبائع.
وإما أنها لا تنقل؛ كالعقارات والأراضي، فهذه تقبض بالتَّخْلِيَة، ومعنى التخلية أن تسلمني مفتاح البيت وتخلي بيني وبينه أتصرف به كما أشاء، بحيث أتمكن من الانتفاع به فيما يُقصد منه.
فالبيت يقصد للسكنى فتمكنني من سكناه، والأرض تقصد للبناء أو للزراعة فتمكنني من بنائها أو زرعها.
وكل شيء بعد ذلك قبضه على حسب العرف ما عُدّ في العرف قبضاً فهو قبض.
وحكمة النهي عن بيع السلع قبل قبضها، إغلاق الطريق على المتحايلين على الربا، كما يحدث الآن في كثير من البنوك الإسلامية، فهو سد للذريعة.
وكذلك قبل القبض تكون السلعة في ضمان البائع إلى أن يقبضها المشتري، فإذا هلكت أوعدمت يكون ضمانها على البائع، فإذا باعها المشتري يكون باع ما لم يضمن، يكون باع ما لم يتحمل تبعاته.
وأما الطعام الذي يجري فيه الصاعان، فقد ورد فيه حديث ضعيف أخرجه ابن ماجه» نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، صاع البائع وصاع المشتري «(١).
قالوا معنى ذلك: إذا باع الطعام بالكيل؛ فلا يجوز لمن اشتراه أن يبيعه بالكيل الأول بل لابد أن يكال ثانية عند بيعه.
(١) أخرجه ابن ماجه (٢٢٢٨)، في سنده من لا يحتج به، انظر «البدر المنير» لابن الملقن (٦/ ٥٧٠).