للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الترمذي رحمه الله (١٢٢٣): «والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم: كرهوا أن يبيع حاضر لباد، ورخص بعضهم في أن يشتري حاضر لباد. وقال الشافعي: يكره أن يبيع حاضر لباد، وإن باع فالبيع جائز».انتهى

والعلة بيَّنها النبي - صلى الله عليه وسلم -.

في حديث جابر عند مسلم أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى علة النهي فقال»: لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض «(١).

فكانت العلة عند أهل العلم: نفع أهل البلد، ودفع الضرر عنهم برُخص الأثمان والتوسعة في السِّعر؛ لأن المصلحة الخاصة إذا تعارضت مع المصلحة العامة، قدمت المصلحة العامة على المصلحة الخاصة.

قال ابن قدامة في المغني (٤/ ١٦٢، مسألة ٣١٠٤): والمعنى في ذلك: أنه متى ترك البدوي يبيع سلعته، اشتراها الناس برخص، ويوسع عليهم السعر، فإذا تولى الحاضر بيعها، وامتنع من بيعها إلا بسعر البلد؛ ضاق على أهل البلد، وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - في تعليله إلى هذا المعنى. انتهى

قال المؤلف رحمه الله: والتَّناجُش.

التناجش من النَّجْش وأصله الاستثارة، أثاره فاستثار.

وهو أن يزيد الرجل في ثمن السلعة ولا يريد شراءها ولكن ليَسمعه غيره فيزيد على زيادته.

بعضهم يفعل هذه الحيلة، اثنان يتفقان مع بعضهما، أحدهما يضع السلعة يبيعها، ويرى الناس مجتمعين عنده فيذهب الآخر ويضع ثمناً في للسلعة هو لا يريد أن يشتري ولكن يريد من الناس أن يضعوا ثمناً أعلى من الثمن الذي وضعه هو.

هذا هو بيع النجش، هذا فيه خداع واضح لذلك نهي عنه، وهو محرَّم.

والمشتري المخدوع إذا اشترى سلعة تعرض فيها لهذا الفعل فهو مخيَّر، إن شاء أخذ السلعة وإن شاء ردها.

جاء في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يُتلقى الركبان لِبَيْع، ولا يبع بعضكم على بعض، ولا تناجشوا .... » (٢) الحديث.

قال ابن قدامة في المغني (٥/ ١٨): «(والنجش منهي عنه، وهو: أن يزيد في السلعة، وليس هو مشترياً لها).


(١) أخرجه مسلم (١٥٢٢).
(٢) أخرجه البخاري (٢١٤٠)، ومسلم (١٥١٥).

<<  <   >  >>