للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النجش: أن يزيد في السلعة من لا يريد شراءها، ليقتدي به المستام، فيظن أنه لم يزد فيها هذا القدر إلا وهي تساويه، فيغتر بذلك، فهذا حرام وخداع، قال البخاري: الناجش آكل ربا خائن، وهو خداع باطل لا يحل.

وروى ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن النجش»، وعن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تلقوا الركبان، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يبع حاضر لباد» متفق عليهما.

ولأن في ذلك تغريراً بالمشتري، وخديعة له، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «الخديعة في النار».

فإن اشترى مع النجش، فالشراء صحيح، في قول أكثر أهل العلم، منهم الشافعي وأصحاب الرأي، وعن أحمد أن البيع باطل، اختاره أبو بكر، وهو قول مالك؛ لأن النهي يقتضي الفساد .... ». انتهى

ولكن ابن عبد البر نقل عن الإمام مالك خلاف ذلك، فقال في التمهيد (١٣/ ٣٤٨):

وأما النجش فلا أعلم بين أهل العلم اختلافاً في أن معناه: أن يعطي الرجل الذي قد دسه البائع وأمره، في السلعة عطاء - لا يريد شراءها به- فوق ثمنها؛ ليغتر المشتري فيرغب فيها أو يمدحها بما ليس فيها، فيغتر المشتري حتى يزيد فيها أو يفعل ذلك بنفسه، ليغر الناس في سلعته، وهو لا يعرف أنه ربها.

وهذا معنى النجش عند أهل العلم، وإن كان لفظي ربما خالف شيئاً من ألفاظهم، فإن كان ذلك فإنه غير مخالف لشيء من معانيهم.

وهذا من فعل فاعله مكر وخداع لا يجوز عند أحد من أهل العلم؛ لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النجش، وقوله (لا تناجشوا).

وأجمعوا أن فاعله عاصٍ لله إذا كان بالنهي عالماً.

واختلف الفقهاء في البيع على هذا إذا صح وعلم به؛ فقال مالك: لا يجوز النجش في البيع، فمن اشترى سلعة منجوشة فهو بالخيار إذا علم، وهو عيب من العيوب.

قال أبو عمر: الحجة لمالك في قوله هذا عندي: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل لمشتري المصراة الخيار إذا علم بعيب التصرية ولم يقض بفساد البيع، ومعلوم أن التصرية نجش ومكر وخديعة؛ فكذلك النجش يصح فيه البيع، ويكون المبتاع بالخيار من أجل ذلك قياساً ونظراً. والله أعلم

قال المؤلف رحمه الله: والبيع على البيع.

لمِا جاء في حديث أبي هريرة المتقدم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يُتلقى الركبان لِبَيْع، ولا يبع بعضكم على بعض، ولا تناجشوا .... » الحديث.

وفي رواية: » ولا يبع الرجل على بيع أخيه «(١).


(١) أخرجه البخاري (٢١٣٩)، ومسلم (١٤١٢).

<<  <   >  >>