للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال ابن عبد البر في «التمهيد» (١٣/ ٣١٨) بعدما بين مذهب مالك والشافعي في ذلك: ولا خلاف عن الشافعي وأبي حنيفة في أن هذا العقد صحيح وإن كره له ما فعل، وعليه جمهور العلماء.

ولا خلاف بينهم في كراهية بيع الرجل على بيع أخيه المسلم وسومه على سوم أخيه المسلم، ولم أعلم أحداً منهم فسخ بيع من فعل ذلك؛ إلا ما ذكرت لك عن بعض أصحاب مالك بن أنس، ورواه أيضاً عن مالك، وأما غيره فلا يفسخ البيع عنده؛ لأنه أمر لم يتم أولاً وقد كان لصاحبه أن لا يتمه إن شاء ... انتهى.

وقال ابن عثيمين رحمه الله: قال أهل العلم: العقد صحيح؛ لأن النهي هنا لا يعود إلى ذات المعقود عليه، وإنما يعود إلى أمر خارج وهو العدوان على المسلم فيكون العقد حراماً، ويدل على ذلك: أن هذا الذي باع على بيع أخيه لو أذن له الذي بيع على بيعه لكان العقد صحيحاً ولا شيء فيه، فإذاً يكون التحريم غير عائد إلى ذات المنهي عنه، ويكون العقد صحيحاً مع الإثم. انتهى

قلت: علة النهي كما تبين من كلام أهل العلم: أنه ظلم، ويسبب الشحناء والعداوة بين المسلمين. والله أعلم

قال رحمه الله: وتلقي الرُّكبان.

تلقي الركبان كذلك لا يجوز، الركبان جمع راكب، وهم هنا: الذين جاءوا إلى السوق لبيع بضاعتهم فيه، والمقصود إذا جاء مثلاً خبر بقدوم قافلة للتجارة أو أحد من الناس لبيع بضاعته في السوق؛ فلا تذهبوا وتستقبلوها وتشتروا منها قبل أن تنزل إلى السوق؛ لأنهم قبل أن ينزلوا إلى السوق لا يعرفون الأسعار، وأنتم ربما عندما تستقبلونهم تأخذون منهم السلع بثمنٍ أقل من ثمنها في السوق.

ومثل هذا لا يجوز.

وعلة النهي: خداع الركبان.

ودليل النهي: حديث أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يتلقى الركبان لبيع» (١).

هل يصح البيع إذا وقع: في رواية للحديث الذي تقدم: قال: » فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار» (٢) سيده: أي صاحب البضاعة، إذا جاء إلى السوق ووجد نفسه قد غُبِن أي خُدع، فله أن يرجع في البيع إذا أراد، فالعقد صحيح مع إثم المخالفة، وللبائع الخيار بين أن يفسخ العقد أو يقره إذا وجد نفسه قد خدع. والله أعلم


(١) أخرجه البخاري (٢١٥٠)، ومسلم (١٥١٥).
(٢) أخرجه مسلم (١٥١٩).

<<  <   >  >>