للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قالوا: ولما كان القبض غير تام؛ ضُمِّن البائع ثمن الثمار إذا أصابتها جائحة، بهذا عللوا المسألة (١).

أما إذا أصابت الثمار جائحة بفعل آدمي مثلاً، بفعل فاعل فإنه يخيَّر المشتري بين فسخ البيع مع زيد ومطالبة البائع بما دُفع من الثمن، ويرجع البائع على المتلف بالضمان، أو إمضاء البيع ومطالبة المتلف بدل ما أتلف، فهو مخيَّر بين فسخ العقد وبين إمضائه، فإذا فسخ العقد يكون ما أُتلف حق للبائع فيرجع به على من تسبب بالجائحة من الناس، وإذا لم يفسخ العقد وأتمه فيكون له هو الحق في الرجوع على المسبب (٢).

وقال المؤلف: ولا يحل سلف وبيع.

أي بيع مع شرط قرض، فالسلف هنا: القرض، أي الدين.

صورته: أن يقول زيد لعمرو: بعتك سيارتي بألف، بشرط أن تقرضني قرضاً.

أي تعطيني ديناً، هذا منهي عنه، والقاعدة المقررة عند العلماء أن كل قرض جر منفعة مشروطة فهو ربا.

وفي الحديث: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك» (٣).

قال الإمام مالك رحمه الله: بلغه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع وسلف.

قال: وتفسير ذلك: أن يقول الرجل للرجل: آخذ سلعتك بكذا وكذا، على أن تسلفني كذا وكذا. فإن عقدا بيعهما على هذا، فهو غير جائز، فإن ترك الذي اشترط السلف ما اشترط منه؛ كان ذلك البيع جائزاً. انتهى (٤)

وقال الإمام أحمد رحمه الله: أن يكون يقرضه قرضاً، ثم يبايعه عليه بيعاً يزداد عليه (٥). انتهى

وقال المؤلف: ولا شرطان في بيع.

اختلف العلماء في المقصود بهذا الحديث، فذهب البعض إلى ظاهر الحديث الوارد في ذلك، حديث عبد الله بن عمرو المتقدم، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -» لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع ... ».

ظاهر قول النبي - صلى الله عليه وسلم - «ولا شرطان في بيع «أنه لا يجوز اشتراط شرطين في عقد البيع، كأن يشترط مثلاً على البائع أن يحمّل له البضاعة وأن ينزلها، هذان شرطان في البيع فلو أنه اشترط التحميل فقط جاز لأنه شرط واحد، بعض العلماء فسره بذلك.


(١) انظر «المغني» لابن قدامة (٤/ ٢٠٦ فما بعدها).
(٢) انظر «المغني» لابن قدامة (٤/ ٢٠٦ فما بعدها).
(٣) أخرجه أحمد (٦٦٧١)، وأبو داود (٣٥٠٤)، والترمذي (١٢٣٤)، والنسائي (٤٦١١).
(٤) «الموطأ» (كتاب البيوع ٦٩).
(٥) «مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه» (١٨٤٧)، وسنن الترمذي (١٢٣٣).

<<  <   >  >>