للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعارض هذا الحديث وغيره؛ حديث في الصحيحين عن أنس «أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم، حجمه أبو طيبة، وأعطاه صاعين من طعام، وكلّم مواليه فخففوا عنه» (١).

وحديث ابن عباس «أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره، ولو كان سُحتاً لم يعطه» (٢).

فاختلف أهل العلم في طريقة الجمع بين هذه الأحاديث.

وأحسن الأقوال فيها أن يحمل قوله): خبيث (و) شر الكسب (على معنى أنه دنيء وليس من معالي أنواع الكسب، فيحمل على التنفير عن نوع من أنواع الكسب الدنيئة، وليس على التحريم؛ لأن الحديث الآخر الذي فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الحجّام أجره دل على الجواز؛ لذلك تأولنا التأويل الذي ذكرناه، فعلى ذلك يكون هذا العمل مكروهاً كراهة تنزيهية وليس محرَّماً. والله أعلم

وأما مهر البغي: البغي، هي: الزانية، ومهرها هو: المال الذي تُعطاه الزانية أجرة على زناها.

وهو محرَّم؛ لأن الزنا نفسه محرَّم، وجاء أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه نهى عن ثمن الكلب، وحلوان الكاهن، ومهر البغي» (٣).

وأما حلوان الكاهن؛ فهو محرم أيضاً للحديث الذي تقدم، وهو: عَطِيَّة الكاهن لأجل كهَانَتِه. أي الأجر الذي يُعطاه الكاهن مقابل تكهنه.

والكهانة: ادعاء معرفة الأمور الغيبية التي ستحدث في المستقبل، وهي من الكفر.

قال: (وعَسْبِ الفحل)

وهو ماء الذكر أو ضِرابه، وقد تقدم الكلام عليه في البيع.

قال: (وأجر المؤذن)


(١) أخرجه البخاري (٢١٠٢)، ومسلم (١٥٧٧).
(٢) أخرجه البخاري (٢١٠٣)، ومسلم (١٢٠٢).
(٣) أخرجه البخاري (٢٢٨٢)، ومسلم (١٥٦٧).

<<  <   >  >>