للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

دل على ذلك حديث ابن عباس عند البخاري وغيره «أن نفراً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مروا بماءٍ فيه لَدِيغ أو سَلِيم، فعرض لهم رجل من أهل الماء، فقال لهم: فيكم من راقٍ؟ إن في الماء رجلاً لديغاً، فانطلق رجل منهم، فقرأ بفاتحة الكتاب على شَاءٍ، فبرأ، فجاء بالشاء إلى أصحابه فكرهوا ذلك، وقالوا: أخذت على كتاب الله أجرا، حتى قدموا المدينة، فقالوا: يا رسول الله! أخذ على كتاب الله أجرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله» (١).

هذا الرجل أخذ أجراً على الرقية بكتاب الله، قال: على شَاءٍ، أي مقابل شياه.

فدل هذا الحديث على جواز أخذ الأجرة على الرقية وهو حديث واضح في ذلك وعلى الاستئجار للتلاوة وعلى التعليم أيضا.

ومما يدل على جواز اتخاذ أجر على تعليم القرآن أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل تعليم القرآن مهراً للزواج بالمرأة، والحديث في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل: «قد زوجتكها بما معك من القرآن» (٢).

والأحاديث التي يستدل بها المانعون لأخذ الأجرة على التعليم لا تصح.

قال المؤلف: (وأن يُكرِيَ العَينَ مُدةً معلومةً، بأجرةٍ معلومةٍ، ومن ذلك كِرِاءُ الأرضِ لا بشطرِ ما يخرجُ منها)

أن يُكري العين: أي يؤجر شيئا معيَّنا.

مدة معلومة، أي: زمناً محددا: كأن يؤجر سيارة لمدة شهر مثلاً أو بيتاً لمدة سنة.

بأجرة معلومة: يصرح بقدرالأجرة، فيقول له مثلاً: أَجَّرتك سيارتي لمدة شهر بثلاثمائة دينار، فالأجرة معلومة والمدة معلومة، في شيء معلوم معيّن.

ومن ذلك، ومما يجوز كراء الأرض، أي: تأجير الأرض للزراعة، دليل ذلك حديث رافع الآتي، وسائر الأعيان لها حكم الأرض كما قال أهل العلم.

لا بشطر ما يخرج منها، يقول: يجوز تأجير الأرض بالمال؛ بالدرهم والدينار مثلا، ولكن لا يجوز تأجيرها مقابل جزء مما تنتج من الزرع أو الثمر.


(١) أخرجه البخاري (٥٧٣٧).
(٢) أخرجه البخاري (٥٠٢٩)، ومسلم (١٤٢٥).

<<  <   >  >>