للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

صورة المسألة: تقول لشخص مثلاً أجِّرني مزرعتك وأعطيك جزء من نتاجها، فالأجر الذي سيقبضه منك مقابل أجرة المزرعة هوجزء مما تنتجه الأرض.

يقول المؤلف: هذا لا يجوز، ولكن لك أن تستأجرها منه مقابل أن تعطيه مالا مثلا، المهم الأجرة ليست جزء من نتاج الأرض.

وردت أحاديث في كراء الأرض متعارضة؛ فاختلف العلماء في كيفية الجمع بينها.

منها حديث رافع بن خديج في الصحيحين قال: «كنا أكثر الأنصار حقلاً، فكنا نَكري الأرض على أنّ لنا هذه ولهم هذه، فربما أخرجت هذه ولم تُخرج هذه، فنهانا عن ذلك، فأما بالوَرِق فلم ينهنا» (١).

وفي لفظ لمسلم: «فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به» (٢).

وعارضه حديث ابن عمر في الصحيحين «أن النبي صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج من تمر أو زرع» (٣).

فبعضهم قال: حديث ابن عمر منسوخ، وبناءً عليه فلا يجوز تأجير الأرض بجزء مما يخرج منها. ذهب المؤلف إلى هذا.

والصحيح في هذا أنه يجوز تأجير الأرض بجزء مما يخرج منها معلوم كمائة كيلو أو مائتي كيلو أو أكثر أو أقل؛ ولكن لا يكون الجزء محددا بناحية من الأرض.

كأن تقول له: لي الجهة الغربية من الأرض أو ما حول البئر، والباقي لك؛ فربما ينبت ويثمر ما حددته ولا ينبت غيره؛ فيخسر المزارع وربما العكس فتخسر أنت؛ ففيه غرر لذلك نهي عنه، وأما إذا كان ما يخرج من الأرض غير محدد بناحية معينة من الأرض فلا بأس به على الصحيح.

فالنهي وارد فقط على تحديد جزء معين من الأرض تأخذ أجرتك منه؛ كما جاء في رواية لحديث رافع: «كانوا يؤجرون الأرض على المَاذِيانات وأَقبَال الجداول، وأشياء من الزرع، فيهلك هذا ويسلم هذا، ويسلم هذا ويهلك هذا، فلم يكن للناس كراء إلا هذا، لذلك زجر عنه؛ فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس» (٤).


(١) أخرجه البخاري (٢٣٢٧)، ومسلم (١٥٤٧).
(٢) أخرجها مسلم (١٥٤٧).
(٣) أخرجه البخاري (٢٣٢٨)، ومسلم (١٥٥١).
(٤) أخرجها مسلم (١٥٤٧).

<<  <   >  >>