والفرق بينهما: في الأول: (الناس)، وفي الثاني:(المسلمون)، فعلى الثاني- وهو الصحيح- أن الشراكة حاصلة في المذكورات بين المسلمين فقط، فخرج بذلك الكفار، بخلاف الأول.
والمقصود بالماء هنا: الماء الذي لم يُملك بالحرز، وباق في مكانه؛ كمياه الأنهاروالأمطاروالأودية والعيون، هذه المياه مياه عامة ليست ملكاً لشخص معيَّن، لكن من سبق إليها فهو أحق بها من غيره، يستعمل منها ما يحتاج إليه، وليس له بعد ذلك أن يمنع المسلمين من الماء.
ومعنى بالحرز: بالحفظ، أي الماء الذي لم يملك بالحفظ؛ كمياه الأنهار، هو المقصود هنا، فأخرج مثلاً الماء الذي أُحرِز في الجرار والزجاجات وماشابه، فإذا أحرز الماء في زجاجات مثلاً، أو عبأه في ناقلة ماء؛ فله بيعه؛ لأنه صار ملكاً له بذلك.
والكلأ: معناه العشب الذي ينبته رب العزة تبارك وتعالى في الأرض، ولا يكون للناس فيه سبب، بما أنه عشب نابت وحده ليس لك فيه عمل بحراثة الأرض مثلاً؛ فهذا كلأ عام، يشترك المسلمون فيه، لكن إذا سبقت إليه فأنت أحق به، تأخذ منه ما تحتاج إليه، وما زاد عن ذلك تتركه للمسلمين، لا تمنعهم منه ولا تبيعه.
وفي العشب الذي ينبت في أرض مملوكة لشخص من غير عمل منه؛ خلاف.
والمقصود بالنار: الحطب الذي تُشعل به النار، أو الشعلة شعلة النار التي تكون في طرف العود، لا يجوز منع الناس منه، وأما إذا جمعت الحطب فلك بيعه.
هذه الأشياء من ضروريات الحياة، فيجب أن تبقى عامة مباحة لعامة المنتفعين؛ يشترك فيها الجميع، فبهذا تستقيم أمور الناس، وتصلح الحياة على الأرض.
ثم قال المؤلف رحمه الله (وإذا تشاجرَ المُستحِقّونَ للماءِ كان الأحقُّ به الأعلى فالأعلى، يُمسِكه إلى الكعبين ثم يُرسِله إلى مَن تحته)