للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فرد عليهم المخالفون، وقالوا: لقد فرق النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الأكل من لحم الغنم والأكل من لحم الإبل، فلو كان الأمر كما قلتم فكيف أباح النبي - صلى الله عليه وسلم - الأكل من لحم الغنم وهو أيضا مما مست النار؟ !

فقولهم هذا ضعيف مخالف للدليل.

وأسعد الناس بهذا الحديث أهل الحديث، فإنهم هم الذين يُفتون بما يقتضيه.

وقد قال الإمام الشافعي - رحمه الله -: «إن صح الحديث بذلك قلت به»، وقد صح، وهو في «صحيح مسلم».

قال - رحمه الله -: (والقَيْءُ ونَحْوِهِ)

(القيء): ما قذفته المعدة ونحوه: كالقَلَس، والقَلَس: هو ما خرج من الجوف ملء الفم أو دونه، وليس بقيء وهو ما يشعر به الإنسان أحياناً من خروج عصارة المعدة. وكالرعاف، وهو الدم يخرج من الأنف.

احتج المؤلف - رحمه الله - على أن هذه الأشياء ناقضة للوضوء بما أخرجه الترمذي وغيره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاء فتوضأ (١)، وبحديث عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من أصابه قيء أو رعاف أو قَلَس أو مَذْي فليتوضأ» أخرجه ابن ماجه وغيره (٢).

والحديثان ضعيفان، فيبقى الأصل قائماً، والصحيح أنه لاشيء مما ذكرنا في قوله: (والقيء ونحوه) ينقض الوضوء.

قال: (ومسِّ الذَّكَرِ)

وردَ في مس الذكر أحاديث متعارضة،

منها: حديث بسرة بنت صفوان أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «من مسّ ذكره فليتوضأ» (٣)، وحديث طلق بن علي: «إنما هو بِضْعةٌ منك» (٤).


(١) أخرجه أحمد (٢١٧٠١)، والترمذي (٨٧) عن أبي الدرداء - رضي الله عنه -. أعله البيهقي في «الخلافيات» بالاضطراب ويعيش بن الوليد. انظر «البدر المنير» (٥/ ٦٦٣).
(٢) أخرجه ابن ماجه (١٢٢١)، والبيهقي في «الكبرى» (٦٦٩)، وفي «المعجم الأوسط» للطبراني (٥٤٢٩)، وهو غير محفوظ كما قال البيهقي.
(٣) أخرجه أبو داود (١٨١)، والترمذي (٨٢)، والنسائي (١٦٣)، وابن ماجه (٤٧٩).
(٤) أخرجه أبو داود (١٨٢)، والترمذي (٨٥)، والنسائي (١٦٥)، وابن ماجه (٤٨٣). انظر أقوال العلماء في حديثي بسرة وطلق في «البدر المنير» (٢/ ٤٥١).

<<  <   >  >>