لا يجوز منع الماعون؛ لقول الله تبارك وتعالى:{وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}[الماعون: ٧]، فذمهم الله سبحانه وتعالى على ذلك.
وإطراق الفحل وحلب المواشي ... إلخ، دليله ما أخرجه مسلم من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ما من صاحب إبلٍ ولا بقرٍ ولا غنمٍ لا يؤدي حقها إلا أُقعِد لها يوم القيامة بقاعٍ قرقرٍ، تَطَؤُه ذات الظِّلف بظلفها، وتنطحه ذات القرن بقرنها، ليس فيها يومئذ جَمَّاء ولا مَكسُورة القرن» قلنا: يارسول الله! وما حقها؟ قال:«إِطراقُ فَحلِها، وإِعارةُ دَلوِها، ومَنِيحَتُها، وحَلَبُها على الماء، وحَملٌ عليها في سبيل الله ... »(١).
إطراق الفحل: إذا أراد شخص منك فحلاً حصاناً أو جملاً، عنده أنثى ويريد الذكر كي يطرق الأنثى؛ فلا يجوز لك أن تمنعه ذلك.
وإعارة دلوها: أي: من حقوق الماشية أن يعير صاحبها الدلو الذي يسقيها به، إذا طلبه منه من يحتاج إليه.
ومنيحتها: أن يعطي الشاة أو الناقة للمحتاج لينتفع بحلبها ثم يردها.
وحلبها على الماء: أي تحلب وهي تشرب على الماء، ويُعطى من الحليب من يحتاج.
والحمل عليها في سبيل الله: يبذلها المالك لمن أراد أن يستعيرها لينتفع بها في الغزو في سبيل الله.
اختلف العلماء في وجوب المذكورات هنا، ذهب الجمهور إلى عدم الوجوب بعد فرض الزكاة، وقالوا: الحديث منسوخ بالزكاة، أو تأولوه، والصحيح قول من قال: يحتمل أن يكون هذا الحق فى موضع تتعين فيه المواساة. والله أعلم
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: وفيه: أن في المال حقاً سوى الزكاة.
وأجاب العلماء عنه بجوابين:
أحدهما: أن هذا الوعيد كان قبل فرض الزكاة، ويؤيده ما سيأتي من حديث ابن عمر في الكنز، لكن يعكر عليه أن فرض الزكاة متقدم على إسلام أبي هريرة، كما تقدم تقريره.
ثاني الأجوبة: أن المراد بالحق القدر الزائد على الواجب، ولا عقاب بتركه، وإنما ذكر استطراداً، لَمّا ذكر حقها؛ بيّن الكمالَ فيه، وإن كان له أصل يزول الذم بفعله، وهو الزكاة.