من وضعت الوديعة عنده يضمن بالجناية فقط، نقلوا الاتفاق على ذلك.
واختلفوا في المستعير، الجمهور على أنه يضمن إلا إذا كان تلفاً على وجه مأذون فيه من صاحب العارية.
وسبق أن قلنا: الذي يده يد أمانة لا يضمن إلا إذا حصل منه تعدٍ أو تفريط.
قال المؤلف في شرحه: وأما كونه لا ضمان إذا تلفت العين المستعارة والمستودعة؛ فلحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا ضمان على مؤتمن». أخرجه الدارقطني، وفي إسناده ضعف.
وقد وقع الإجماع على أن الوديع لا يضمن إلا لجناية على العين؛ لما أخرجه الدارقطني في الحديث السابق من طريق أخرى بلفظ «ليس على المستعير غيرِ المُغِلّ ضمان، ولا المستودع غيرِ المُغل ضمان».
والمُغِل: هو الخائن، والجاني خائن.
وأما المستعير فقد ذهب إلى أنه لا يضمن إلا لجناية أو خيانة؛ العترة والحنفية والمالكية، وحكى في الفتح عن الجمهور أن المستعير يضمنها إذا تلفت في يده إلا إذا كان التلف على الوجه المأذون فيه.
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والحاكم وصححه؛ من حديث الحسن عن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«على اليد ما أخذت حتى تؤديه». وفي سماع الحسن من سمرة مقال مشهور.
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم من حديث صفوان بن أمية؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم استعار منه يوم حنين أدرعاً، فقال: أغصباً يا محمد قال: «بل عارية مضمونة». انتهى كلام المؤلف، والأحاديث التي ذكرها هنا كلها ضعيفة لا يصح منها شيء.
قال المؤلف رحمه الله:(ولا يجوزُ مَنعُ المَاعُونِ؛ كالدَّلوِ والقِدرِ، وإِطراقِ الفَحلِ، وحَلبِ المَوَاشِي - لِمَن يحتاجُ ذلك-، والحَمْلِ عليها في سَبيلِ الله)
الماعون: متاع البيت الذي يتعاطاه الناس بينهم؛ كالفأس، والقدر، والدلو، والكأس، وما شابه من الأشياء التي اعتاد الناس على أن يستعيرها بعضهم من بعض.