وفي حديث أبي هريرة: «مَن أَعتقَ شِقْصاً له في عبد؛ فخَلاصُه في مَالهِ، إن كان له مالٌ، فإن لم يكن له مال؛ استُسعِيَ العبد غيرَ مَشقُوقٍ عليه» (١).
معنى هذا: أن يكون عندنا مملوك يملكه أكثر من شخص، مملوك عبد واحد يشترك فيه أكثر من شخص، فيُعتِق واحد من الشركاء نصيبه من العبد، فلنقل بأنهم ثلاثة شركاء، فثلث له والثلثان للآخرين، فيعتق الثلث فيصير ثلث العبد حر وثلثاه رقيق.
قال المؤلف: ومن أعتق شركاً له في عبد، يعني من أعتق نصيباً له في عبد، الشقص والشرك والنصيب كلها بمعنى واحد.
من أعتق شركاً له في عبد: يعني من أعتق نصيباً له في عبد.
ضَمِن لشركائه نصيبهم بعد التقويم: يعني عندما يعتق الثلث الذي له يجب عليه أن يعطي لكل واحد من شركائه نصيبه، بعد أن يُقوَّم العبد؛ أي يقدر ثمنه، كم يساوي العبد في السوق؟
فلنقل بأنه يساوي تسعمائة دينار، هو يكون قد أعتق منه ثلاثمائة دينار، وقوّمنا العبد أي قدرنا ثمنه فوجدناه يساوي تسعمائة دينار؛ فيلزمه أن يعطي لكل شريك من شركائه ثلاثمائة دينارٍ.
هذا إذا كان للشريك المُعتِق مال، يُلزم أن يعطي شركاءه كل واحد نصيبه، ويكون قد أُعتق العبد عليه، يعني هو معتق العبد، فيكون أجره عند الله له، ويكون ولاء العبد له.
وإلا عتق نصيبه فقط: وإذا لم يكن للمُعتِق مال؛ فلا يستطيع أن يعطي الشركاء كل واحد نصيبه قال: وإلا عتق نصيبه فقط. إذا لم يكن له مال يكون قد أُعتق ثلث العبد فقط؛ لأنه نصيب هذا الرجل.
واستُسعِيَ العبد: في الباقي.
الاستسعاء مأخوذ من السعي يعني العمل، يذهب العبد يعمل من أجل أن يدفع بقية ثمنه للشركاء، كي يصير حراً، لكن بالقدر الذي لا يشق عليه العمل، بالقدر الذي يستطيعه.
هذا معنى كلام المؤلف وهو معنى الأحاديث التي ذكرت.
قال المؤلف رحمه الله: (ولا يصِحُّ شرطُ الوَلاءِ لغيرِ مَنْ أَعتَقَ)
الوَلاء في العتق: إذا مات المُعتَق ورثه مُعتِقهِ أو ورثة المُعتِق.
العبد إذا أُعتِق صار حرّاً، فإذا مات العبد المملوك بعدما أعتق؛ ورثه سيده الذي أعتقه.
بعد عتقه يقال له: مولى، ولسيده حق الولاء، يرثه به إذا لم يكن له ورثة.
فهو كالنسب، الولاء في العتق كالنسب، لا يزول وينتقل بالإزالة والنقل، يعني لا يمكن أن يكون الولاء لي فأقول لك: خذه أنت، فيكون الولاء لك، هذا لا يصح، كما أنه لا يصح في النسب.
فكما أنك لا تستطيع نقل الأخوة والأبوة كذلك الولاء لا ينقل.
(١) أخرجه البخاري (٢٤٩٢)، ومسلم (١٥٠٣).