للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في نذر المعصية: «من نذر أن يعصي الله فلا يعصه» ولم يذكر كفارة في ذلك.

فنذر المعصية لا ينعقد وليس فيه كفارة.

وأما النذر فيما لا يطيقه فهذا فيه كفارة يمين؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من نذر نذراً لم يسمه فكفارته كفارة يمين، ومن نذر نذراً لم يطقه فكفارته كفارة يمين» (١).

لكن انتبه لابد من التفريق بين النذر الذي لا يطيقه ويكون طاعة، والنذر الذي لا يطيقه ويكون مباحاً، النذر الذي لا يطيقه ويكون مباحاً أو يكون فيه تعذيب لنفسه هذا ليس فيه كفارة يمين، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يلزم الشيخ في الحديث المتقدم بكفارة يمين، ولكن نذر الطاعة الذي لا يطيقه الشخص هو الذي فيه كفارة يمين. والله أعلم

قال المؤلف رحمه الله): ومَن نَذرَ بِقُربةٍ وهو مُشرِكٌ ثُمّ أَسلمَ لَزِمهُ الوَفاءُ)

شخص نذر أن يعتكف لله تبارك وتعالى ليلة أو يوماً أو يومين ... إلخ في الجاهلية في حال الكفر، بعد أن أسلم يلزمه أن يوفي بنذره، أصل هذا ما جاء في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له عمر: يا رسول الله: إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «أَوْف بنذرك» (٢) فألزمه النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوفاء بالنذر مع أن عمر كان قد نذر ذلك في الجاهلية.

قال المؤلف رحمه الله: (ولا يَنفُذُ النَّذرُ إلا مِنَ الثُّلُثِ)

لا أعلم دليلاً صحيحاً على ما ذكره المؤلف في هذه الفقرة، واختلف العلماء في من نذر أن يخرج ماله كله، فبعضهم ألزمه بذلك فقال: يلزمه أن يخرج جميع ماله، وبعضهم قال: لا يلزمه شيء، ولا شيء عليه، والبعض قال: يلزمه كفارة يمين، والبعض فصَّل، قال: إن كان يقوى على ذلك ويصبر عليه يفعل؛ لأن أبا بكر عندما خرج من كل ماله أقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك (٣)، دل ذلك على أن هذا الفعل طاعة فيُلزَم به، لكن هذا إذا قدر عليه، وإلا فيكون من النذر الذي لا يطاق فكفارته كفارة يمين؛ لأنه ربما لا يقدر على مثل هذا ويشق عليه وربما يكون فتنة عليه في دينه، فيكون فيه كفارة يمين لأنه داخل في النذر الذي لا يطاق، وهذا الأخير على هذا التفصيل هو الأقرب للصواب إن شاء الله.

وفي هذه المسألة قرابة عشرة مذاهب أو أكثر. والله أعلم

قال المؤلف: (وإذا مَاتَ النَّاذِرُ بِقُربةٍ فَفَعَلَها عَنهُ وَلَدُهُ؛ أَجزَأَهُ ذلكَ)

يعني إذا نذر الشخص نذراً فيه قربة كأن ينذر أن يصوم أو أن يَحج مثلاً ومات، إذا فعل أحد أبنائه عنه ذلك أجزأه وسقط عنه النذر.


(١) هو حديث ابن عباس وقد تقدم أن الصواب فيه الوقف.
(٢) أخرجه البخاري (٢٠٤٣)، ومسلم (١٦٥٦) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(٣) أخرجه أبو داود (١٦٧٨)، والترمذي (٣٦٧٥) من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

<<  <   >  >>