يصيب برأسه لكن يصيب بالعرض، فقال له: «كل ما خزق» يعني ما نفذ في الصيد، «وما أصاب بعرضه» لم يدخل في الصيد بل ضربه ضرباً بالعرض فلا تأكل.
يعني إذا ضربه ومات من أثر الضربة لا تأكله؛ لأنه لم ينفذ في الصيد، فهذا دليل على حل الصيد إذا حصل الخزق، وعدم حله إذا لم يحصل.
ما صيد بغير هاتين الطريقتين فلا يحل حتى يُدرَك الصيد ويذبح.
الطريقة الأولى طريقة الآلات التي تخزق، والطريقة الثانية طريقة الكلاب المعلمة.
وأما الدليل على وجوب التسمية؛ فحديث أبي ثعلبة الخشني في الصحيحين نذكره تاماً حتى لا
نعيده مرة أخرى تاماً، قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ نَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ، وَأَرْضِ صَيْدٍ أَصِيدُ بِقَوْسِي وَأَصِيدُ بِكَلْبِي الْمُعَلَّمِ، أَوْ بِكَلْبِي الَّذِي لَيْسَ بِمُعَلَّمٍ، فَأَخْبِرْنِي مَا الَّذِي يَحِلُّ لَنَا مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: «أَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكُمْ بِأَرْضِ قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ تَأْكُلُونَ فِي آنِيَتِهِمْ، فَإِنْ وَجَدْتُمْ غَيْرَ آنِيَتِهِمْ، فَلَا تَأْكُلُوا فِيهَا، وَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَاغْسِلُوهَا، ثُمَّ كُلُوا فِيهَا، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتَ أَنَّكَ بِأَرْضِ صَيْدٍ، فَمَا أَصَبْتَ بِقَوْسِكَ، فَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ الْمُعَلَّمِ، فَذَكَرْتَ اسْمَ اللهِ فَكُلْ، وَمَا صِدْتَ بِكَلْبِكَ غَيْرَ الْمُعَلَّمٍ، فَأَدْرَكْتَ ذَكَاتَهُ، فَكُلْ».
فالكلب المُعلَّم هو الذي يجوز أن تأكل مما يصطاده إذا ذكرت اسم الله عليه، عند إرساله تذكر اسم الله عليه.
وأما الكلب غير المُعلَّم الذي لم يدرب على الصيد فهذا قال له: تأكل إذا أدركت ذكاته، يعني إذا قتله هو من غير أن تدرك ذكاته فلا تأكله؛ لأنه ليس كلباً معلماً، إنما الكلب المعلم فقط هو الذي يحل صيده إذا قتل، هذا بعد أن تذكر اسم الله عليه.
وفي حديث عدي بن حاتم المتفق عليه «إِذَا أَرْسَلْتَ كِلاَبَكَ المُعَلَّمَةَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ، فَكُلْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكَ، إِلَّا أَنْ يَأْكُلَ الكَلْبُ فَلاَ تَأْكُلْ، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ إِنَّمَا أَمْسَكَ عَلَى نَفْسِهِ، وَإِنْ خَالَطَهَا كَلْبٌ مِنْ غَيْرِهَا فَلاَ تَأْكُلْ».
التفصيل الآخر سيأتي إن شاء الله ذكره، لكن شاهدنا هنا قوله: «إِذَا أَرْسَلْتَ كِلاَبَكَ المُعَلَّمَةَ، وَذَكَرْتَ اسْمَ اللَّهِ، فَكُلْ».
هذا مفهومه أنك إذا لم تذكر اسم الله فلا تأكل منه.
فهذه الأحاديث تدل على وجوب ذكر اسم الله على الصيد.
والصحيح في التسمية على الصيد وعلى الذبيحة؛ إذا تركتها سهواً حلَّت الذبيحة والصيد، وإذا تركتها عمداً لم تحل. والله أعلم
ثم قال المؤلف رحمه الله: (وإذا شاركَ الكلبَ المُعلَّمَ كلبٌ آخرُ لم يَحِلَّ صيدُهُما)