لا يحل لا صيد الكلب المعلم ولا الكلب الآخر؛ لحديث عدي بن حاتم المتقدم، فيه: «وإن خالطها كلبٌ من غيرها فلا تأكل»؛ لأنه لا يدري الذي قتل الصيد كلبه الذي سمى عليه، أم غيره من الكلاب؟
هنا ترد عندنا صورتان: الصورة الأولى أن يخالط الكلب أوكلابه المعلمة التي ذكر اسم الله عليها كلاباً أخرى معلمة مذكور عليها اسم الله أيضاً، ويُعرف هذا من حال الصائد، فإذا خالطها هذا النوع جاز له أن يأكل؛ لأنه لا فرق بين أن تقتلها كلابه أو الكلاب الأخرى؛ فكلها كلاب صيد ومذكور عليها اسم الله.
الصورة الثانية: أن تخالطها كلاب أخرى لم يُذكر عليها اسم الله أو ليست معلمة، فلا يجوز أكل صيدها للاشتباه بين ما حل صيده وما حرُم.
ثم قال المؤلف رحمه الله: (وإذا أكلَ الكلبُ المُعَلَّمُ ونَحْوُهُ مِن الصَّيدِ لم يَحِلَّ؛ فإنِّما أَمسكَ على نفسِهِ)
إذا أمسك الكلبُ المعلمُ وأكل من الفريسةِ؛ فلا يجوز أن يأكل صاحبُ الكلبِ لأنه أمسك الفريسة لنفسه لا لصاحبه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم: «فكل مما أمسك عليك إلا أن يأكل الكلب فلا تأكل؛ فإني أخاف أن يكون أمسك على نفسه».
ثم قال المؤلف رحمه الله: (وإذا وُجِدَ الصيدُ بعدَ وقوعِ الرَّميَّةِ فيهِ مَيِّتاً ولو بعدَ أيامٍ في غيرِ ماءٍ؛ كانَ حلالاً ما لم يُنتِنْ أو يَعلمْ أن الذي قَتَلهُ غيرَ سهمِهِ)
الرمية هي المرمية أي السهم ونحوه، يعني إذا رمى عليه سهماً مثلاً ووقع السهم في الصيد ثم مات الصيد، لكنه لم يجده إلا بعد يوم أو يومين أو ثلاث، ولم يجده غارقاً في ماءٍ- لأنه إذا وجده غارقاً في ماء يحتمل أن يكون موته بسبب الغرق وليس بسبب السهم- فوجده في مكانٍ جاف ليس في ماءٍ؛ كان حلالاً فله أن يأكله.
هذا إذا لم يجد فيه إلا سهمه، ولم يجد فيه أثراً لشيءٍ آخر قتله.
مالم ينتن يعني مالم يتغير بسبب الموت، أو يَعلم أن الذي قتله غير سهمه، إذا علم ذلك فلا يجوز له أكله، لكن إذا غلب على ظنه من خلال ما يرى من القرائن أن سهمه الذي قتله فيجوز له أكله.
دليل هذا الذي ذكره المؤلف حديث أبي ثعلبة المتقدم وفيه: «إذا رميت بسهمك فغاب عنك فأدركْتَه فكله ما لم يُنتِن» أخرجه مسلم بهذا اللفظ.
وفي رواية عنده في الذي يدرك صيده بعد ثلاثٍ قال: «فكُلْه ما لم يُنتِن».
وفي رواية في حديث عدي ابن حاتم: «إذا أرسلت كلبك وسميت فأمسك وقتل فكل، وإن أكل فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه، وإذا خالط كلاباً لم يُذكر اسم الله عليها فأمسكن وقتلن فلا تأكل؛ فإنك لا تدري أيها قتل، وإن رميت الصيد فوجدته بعد يوم أو يومين ليس به إلا أثر سهمك فكل، وإن وقع في الماء فلا تأكل».