للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مثَّل به أي قطع أعضاءه، يقطع الأنف، والأذنين، واليدين، والرجلين، هذا تمثيل بالحيوان، ويسمى مثلة، وهو محرم.

كان الناس في الجاهلية يفعلونه، يقطعون أسنمة الإبل ويقطعون ألية الشاة يحصلوا منها على السمن وما شابه، هذا حرَّمه الشرع؛ لأن فيه تعذيباً للحيوان.

فمن الرفق بالحيوان منع مثل هذا الأمر، وليس من ورائه مصلحة كبيرة نرجو أن تتحقق في حِلِّه، بإمكاننا أن نذبحه ثم بعد الذبح نأخذ ما نريد منها، فلذلك حرَّم الشارع التمثيل بالحيوان.

وكذلك حرَّم الشارع أن تجعل الحيوان موضعاً للرمي، تجعله في مكان وترمي عليه بالسلاح، هذا محرم أيضاً؛ لأن فيه تعذيباً أيضاً للحيوان.

من أراد أن يقرأ الرفق بالحيوان وأراد أن يقرأ حقوق الإنسان بحق فليقرأ رياض الصالحين فهو مليء بذلك لكن على الطريقة الشرعية المعتدلة لا على طريقة الغرب المتخبط.

فالمُثلة محرمة ودليل تحريمها حديث ابن عمر في صحيح البخاري أنه قال: لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - من مثَّل بالحيوان (١).

هذا يدل على أن المثلة كبيرة من الكبائر؛ لأن فيها لعناً.

وفي حديث عبد الله بن يزيد - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن النهبة والمثلة (٢). أخرجه البخاري.

قال المؤلف: (وذَبحُها لغيرِ اللهِ)

ذبح الذبيحة تقرباً بها لغير الله، أو ذكر اسم غيرالله عليها يحرمها؛ لقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِوَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللهِ بِهِ} [المائدة/٣]، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله» (٣) أخرجه مسلم.

قال المؤلف: (وإذا تَعذَّرَ الذَّبحُ لِوجهٍ؛ جازَ الطَّعنُ والرَّميُ، وكانَ ذلك كالذَّبحِ)

نذكر الحديث بداية، ومِنْ ذِكر الحديث يتضح معنى كلام المؤلف.

جاء في حديث رافع بن خديج - رضي الله عنه - قال: نَدَّ بعير- أي نفر وهرب- فطلبوه فأعياهم - ما استطاعوا أن يصلوا إليه- وكان في القوم خيل يسيرة -الخيل عندهم قليلة لذلك لم يستطيعوا اللحاق به- فأهوى رجلٌ منهم بسهمٍ فحبسه الله يعني ضربه رجل بسهم فوقع البعير.

فقال النبي صلى الله عليه وسلم «إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا» (٤) أي لها نفور وتوحُشّ كالوحوش التي في الغابات، ما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا أي


(١) أخرجه البخاري (٥٥١٥) في صحيحه معلقاً بهذا اللفظ، وأخرج أصل الحديث البخاري (٥٥١٥)، ومسلم (١٩٥٨).
(٢) أخرجه البخاري (٥٥١٦).
(٣) أخرجه مسلم (١٩٧٨) من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -.
(٤) أخرجه البخاري (٥٤٩٨)، ومسلم (١٩٦٨) عن رافع بن خديج - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>