للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن الله كتب الإحسانَ على كلِّ شيءٍ، فإذا قتلتم فأَحسِنوا القِتلة، وإذا ذَبحتُم فأَحسِنوا الذِّبحة، وليُحِدَّ أحدُكم شَفْرتَه وليُرِح ذبيحته» (١) أخرجه مسلم.

أما القِتلة فهي هيئة القتل، والذبحة هيئة الذبح.

وليحد أحدكم شفرته أي يجعل الآلة التي يريد أن يذبح بها حادة حتى لا تُعذب البهيمة التي تُذبح وترتاح بسرعة.

هذا الحديث وغيره من الأحاديث تدل على أن الإسلام جاء بكل خير وجاء أيضاً بالرفق مع الحكمة والمصلحة، فالإسلام جمع بين أمرين: الرفق بالحيوان وإعطاء الإنسان حقه، لكن أيضاً اعتبر أمراً آخر تجاهله الغرب اليوم وهو الحكمة والمصلحة.

تجد بعض أصحاب دعوات الرفق بالحيوان يدعون إلى استخدام الصعق أولا قبل الذبح وبعضهم لا يريد أن تذبح الحيوانات مطلقاً.

مثل هذا غلو، وقد وقعوا في أكثر من أمر في الغلو، عندما أرادوا أن يجتنبوا التفريط الذي كانوا فيه انتقلوا إلى الإفراط، فلم يعتدلوا في الأمور، لأنه لا يوجد حكم رباني يجعلهم في ميزان صحيح معتدل، الشرع اعتبر الرفق بالحيوان واعتبر حقوق الإنسان لكن مع تحقيق المصالح والحكم.

ربما يعتقدون أمراً ما من حقوق الإنسان أو من الرفق بالحيوان لكن اعتباره يؤدي إلى مفسدة أعظم وأكبر، لذلك لا يعتبره الشرع، هذا يحتاج إلى محاضرة كاملة لبيان ما هم عليه من خلط وتخبط في مثل هذه المسائل.

المهم أن الإسلام أعطى الإنسان جميع حقوقه التي يحتاجها والتي هي حق له من غير إفراط ولا تفريط، وكذلك الرفق بالحيوان هذه صورة من الصور والصور كثيرة، هذه صورة منها، حتى عند الذبح أوصى الشرع بالإحسان، وعند القتل أوصى بالإحسان بالمقتول.

فانظر إلى صورة الرفق الحقيقي الذي يجمع ما بين الرفق وما بين المصالح والحِكَم.

قال النووي رحمه الله: وليرح ذبيحته: بإحداد السكين وتعجيل إمرارها وغير ذلك، ويستحب أن لا يحد السكين بحضرة الذبيحة، وأن لا يذبح واحدة بحضرة أخرى، ولا يجرها إلى مذبحها. وقوله صلى الله عليه وسلم «فأحسنوا القتلة» عام في كل قتيل من الذبائح والقتل قصاصاً في حد ونحو ذلك.

وهذا الحديث من الأحاديث الجامعة لقواعد الإسلام. والله أعلم. انتهى كلامه رحمه الله.

قال المؤلف رحمه الله: (والمُثلُةُ بِهَا)

ويحرم التمثيل بالذبيحة، المثلة: تقطيع الأعضاء من الحيوان وهو حي، وتشويهه.


(١) أخرجه مسلم (١٩٥٥) عن شداد بن أوس - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>