للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثم قال المؤلف: (ويَحرُمُ أكلُ طعامِ الغيرِ بغيرِ إذنِهِ، ومِن ذلك حَلبُ ماشِيتهِ، وأَخذُ ثَمرَتهِ وزرعِهِ، لا يَجوزُ إلا بإذنِهِ، إلَّا أن يَكونَ مُحتاجاً إلى ذلك؛ فلينادِ صاحبَ الإِبلِ أوِ الحَائطِ، فإنْ أجَابَهُ وإلَّا فليشرَبْ وليأكلْ غيرَ مُتَّخذٍ خُبنةً)

الأصل تحريم أموال المسلمين، هذا أصل متفق عليه دلت عليه الأدلة وذكرناها فيما تقدم، ومنها قول النبي صلى الله عليه وسلم: «فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام» (١) متفق عليه.

ومن هذه الأموال: الحليب الذي في ضروع الأنعام، وكذلك الثمار التي على الشجر المملوكة للناس، وكذلك الزروع كالقمح والشعير وما شابه؛ فلا يجوز أخذ شيء من ذلك إلا بإذن مالكه، كما دلت عليه الأدلة العامة في تحريم أموال المسلمين.

وجاء في الصحيحين حديث خاص بحليب المواشي، عن ابن عمر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تُؤْتَى مَشْرُبَتُهُ، فَتُكْسَرَ خِزَانَتُهُ، فَيُنْتَقَلَ طَعَامُهُ؟ إِنَّمَا تَخْزُنُ لَهُمْ ضُرُوعُ مَوَاشِيهِمْ أَطْعِمَتَهُمْ، فَلَا يَحْلُبَنَّ أَحَدٌ مَاشِيَةَ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِهِ» (٢)

مشروبته: غرفة تخزين الطعام.

فتُكسر خزانته فيَنتقل طعامه؟ يعني يحب أحدكم أن يدخل عنده شخص ويكسر الخزينة التي عنده ويأخذ الطعام ويخرج؟

إنما تَخزُن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم أي هذه ضروع المواشي هي عبارة عن خزين تخزن لهم الحليب الذي هو ملكهم، فهذه جعلها النبي صلى الله عليه وسلم كدار الخزين للطعام.

فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه.

كما أن أحدكم لا يحب أن يدخل عنده أحد ويكسر دار الخزين ويأخذ ما فيها من طعام، كذلك لا يذهب إلى ضرع شاة يملكها شخص ويأخذ الحليب الذي فيها؛ لأن هذا الضرع هو خزين لهذا الحليب لمالكه.

ويستثنى من ذلك المحتاج، فهذا إذا جاء إلى مزرعة أو إلى مواش، قال المؤلف: فلينادِ على صاحبها فإن أجابه استأذن صاحب الماشية في حلبها أو صاحب الزرع في الأخذ من زرعه أو من ثماره، وإن لم يأته، له أن يأكل ويشرب.

ولكن ليس له أن يأخذ خُبنة، الخبنة: معطف الإزار أو طرف الثوب، يعني ليس له أن يجعل في طرف ثوبه يعني يملأ ثوبه أو يملأ كيساً ويحمل معه، له أن يأكل ويشرب بالقدر الذي يكفيه ثم يخرج، أما يحمل معه فلا.

دليل ذلك حديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنه - قال: سُئِلَ النبي - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ، فَقَالَ: «مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ فَعَلَيْهِ


(١) تقدم تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري (٢٤٣٥)، ومسلم (١٧٢٦).

<<  <   >  >>